للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلب المنافق. وقلبٌ تُمِدُّه مادتان: مادة إيمان ومادة نفاق، وهو لما غَلَبَ عليه منهما (١).

ومنها: التثبيط عن الطاعة والإقعاد عنها.

ومنها: جعل القلب أصمّ لا يسمع الحقّ، أبكم لا ينطق به، أعمى لا يراه؛ فيصير النسبة بين القلب وبين الحقّ الذي لا ينفعه غيره كالنسبة بين أذن الأصمّ والأصوات، وعين الأعمى والألوان، ولسان الأخرس والكلام.

وبهذا يعلم (٢) أنّ الصمَم والبكَم والعَمَى للقلب بالذات والحقيقة، وللجوارح بالعرض والتبعية. ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)[الحج: ٤٦]. وليس المراد نفي العمى الحسّي عن البصر، كيف وقد قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ﴾ [النور: ٦١]، وقال: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢)[عبس: ١ - ٢]. وإنّما المراد أنّ العمى التامّ في الحقيقة عمى القلب، حتى إنّ عمى البصر بالنسبة إليه كلا عمى، حتّى إنه يصح نفيه بالنسبة إلى كماله وقوته، كما قال (٣) ﷺ: "ليس الشديد بالصُّرَعة، ولكنّ الذي يملك نفسه عند الغضب، (٤). وقوله: "ليس المسكين بالطوّاف الذي ترده اللقمة واللقمتان، ولكن


(١) ل، ز: "منها".
(٢) ز: "العلم"، تحريف.
(٣) ف: "قال النبي".
(٤) من حديث أبي هريرة ﵁. أخرجه البخاري في الأدب، باب الحذر من الغضب (٦١١٤)؛ ومسلم في البر والصلة، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب … (٢٦٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>