للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى قلبه.

الثالثة: أنّه يورث القلب أنسًا بالله وجمعية على الله، فإنّ إطلاق البصر يفرّق القلب، ويشتّته، ويُبعده من الله. وليس على العبد شيء أضرّ من إطلاق البصر، فإنّه يوقع الوحشة بين العبد وبيّن ربه.

الرابعة: أنه يقوّي القلب ويفرحه، كما أنّ إطلاق البصر يضعفه ويحزنه.

الخامسة: أنه يُكسب القلب نورًا، كما أنّ إطلاقه يكسبه (١) ظلمة.

ولهذا ذكر سبحانه آية النور عقيب الأمم بغضّ البصر فقال: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ﴾ [النور: ٣٠]. ثم قال (٢) إثر ذلك: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ﴾ [النور: ٣٥] أي: مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه.

وإذا استنار القلب أقبلت (٣) وفود الخيرات إليه من كلّ ناحية، كما أنّه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشرّ عليه من كل مكان. فما شئتَ من بدع وضلالة، واتّباع هوى، واجتناب هدى، وإعراض عن أسباب السعادة، واشتغال بأسباب الشقاوة! فإنّ ذلك إنّما يكشفه له النور الذي في القلب، فإذا فُقِد (٤) ذلك النور بقي صاحبه كالأعمى الذي


(١) ف: "يلبسه".
(٢) "قال" ساقط من ف.
(٣) ف: "أقبل".
(٤) س: "نفد"، وفي حاشيتها: "خ فقد".

<<  <  ج: ص:  >  >>