للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُتُّك فاتك كلُّ شيء. وأنا أحب إليك من كلّ شيء" (١).

فصل

ولما كانت المحبة جنسًا تحته أنواع متفاوتة في القدر والوصف، كان أغلب ما يُذكَر (٢) فيها في حقّ الله تعالى ما يختصّ به ويليق به من أنواعها، ولا يصلح إلا له وحده، مثل العبادة والإنابة ونحوهما (٣)؛ فإنّ العبادة لا تصلح إلا له وحده، وكذلك الإنابة (٤).

وقد تذكر المحبة باسمها المطلق، كقوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة: ٥٤]، وقوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٦٥].

وأعظم أنواع المحبة المذمومة: المحبّة مع الله، التي يسوّي المحبّ فيها بين محبته لله ومحبته للندّ (٥) الذي اتخذه من دونه. وأعظم أنواعها المحمودة: محبة الله وحده، ومحبة ما أحبّ. وهذه المحبة هي أصل السعادة ورأسها، التي لا ينجو أحد من العذاب إلا بها. والمحبة المذمومة الشركية هي أصل الشقاوة ورأسها، التي لا يبقي في العذاب إلا أهلها. فأهل المحبة الذين أحبّوا الله، وعبدوه وحده لا شريك له،


(١) وهو أثر إسرائيلي كما نصّ على ذلك شيخ الإِسلام في الفتاوى (٨/ ٥٢).
وذكره المصنف في طريق الهجرتين (٥٢٦،٩٥) ومدارج السالكين (٢/ ٣٤٩، ٤٥٢)، (٣/ ٢٩١، ٣٢٤، ٤١١).
(٢) ف: "نذكره".
(٣) ز: "ونحوها".
(٤) انظر: إغاثة اللهفان (٨٤٠).
(٥) س: "محبة الله ومحبة الند".

<<  <  ج: ص:  >  >>