للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن لم يقارنه طمع في الوصال، وقارنه الإياس من ذلك؛ لم يحدث له العشق. فإن اقترن به الطمع، فصرفه عن فكره (١) ولم يشتغل قلبه به (٢)؛ لم يحدث له ذلك.

فإن أطال مع ذلك الفكر في محاسن المعشوق، وقارنه خوف ما هو أكبر عنده من لذة وصاله: إما خوف ديني كدخول النار، وغضب الجبار، واحتقاب الأوزار؛ وغلب هذا الخوف على ذلك الطمع

والفكر، لم يحدث له العشق.

فإن فاته هذا الخوف، فقارنه خوف دنيوي، كخوف تَلافِ (٣) نفسه وماله، وذَهاب جاهه وسقوطِ مرتبته عند الناسِ، وسقوطِه من عين من يعزّ عليه؛ وغلب هذا الخوف لداعي العشق = دَفعَه.

وكذلك إذا خاف من ذوات محبوبٍ هو أحبّ إليه وأنفع له من ذلك المعشوق، وقدّم محبتَه على محبة المعشوق؛ اندفع عنه العشق.


(١) ف: "فصرفه فكره".
(٢) ز: "ولم يشغل … ". و"به" ساقط من ل.
(٣) مصدر تلِف، والمذكور في كتب اللغة: التلَف. وقد ورد في كلام الشعراء والكتاب المتأخرين، ومن ذلك قول ابن زيلاق الموصلي الكاتب الشاعر (٦٦٠ هـ) من قصيدة:
تجمعتْ فيك للورى فِتنٌ … على تَلافِ النفوس تتّفقُ
انظر: فوات الوفيات (٤/ ٣٨٨). وقد جمع أبو العلاء بين المصدرين في قوله من لزومية (٢/ ١٠٥):
تلافَ أمرَك من قبل التَلافِ به … فغايةُ الناس في دنياهم التلَفُ
وفي النسخ المطبوعة: "إتلاف"، ولعله تغيير من بعض الناسخين أو الناشرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>