للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إخوتاه ..

الإنسان منا إذا اكتشف الخطأ، ولاح له الحل والصواب فلا شك أن يكون أكثر حماسا لأنَّه يحس أن الفكرة فكرته.

يقول ابن الجوزى: " تأملت حرص النفس على ما منعت منه، فرأيت حرص النفس على ما منعت يزيد على قدر قوة المنع.

رأيت في الأول أنَّ آدم ـ عليه السلام ـ أبيحت له الجنة بأثمارها ومنع من شجرة حرص عليها مع وجود الأشجار المغنية عنها.

قال تعالى: " وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِين" [الأعراف/ ١٩]، ولكنَّه أكل من هذه الشجرة، وفي المثل القديم: المرء حريص على ما منع، وتواق إلى ما لم ينل.

ويقال: لو أمر الناس بالجوع لصبروا، ولو نهوا عن تفتيت البعر لرغبوا فيه.

وقالوا: ما أحب شئ إلى الإنسان إلا ما منع.

فلما بحثت عن سبب ذلك وجدت سببين:

أحدهما: أنَّ النفس لا تصبر على الحصر، فإنَّه يكفي حصرها في صورة البدن، فإذا حصرت في المعنى بمنع زاد طيشها، ولهذا لو قعد الإنسان في بيته برغبته شهرا لم يصعب عليه، ولو قيل: لا تخرج من بيتك يوماً لصعب عليه وطال عليه.

الثاني: أنًّ النفس يشق عليها الدخول تحت حكم، ولهذا تجد النفس تستلذ الحرام، ولا تكاد تستطيب المباح، يسهل عليها التعبد بالبدعة؛ لأنه ما ترى وتؤثره على السنة لأنه خلاف ما ترى " أهـ

<<  <   >  >>