للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

...ثم تأتى الخطوة الثانية في العلم، إذ غالب الاختلافات التي تحدث تكون بسبب الجهل وعدم العلم، ولو سكت من لا يعرف لقلَّ الخلاف، ولا سبيل للتحكم في هذه المعضلة إلا بالتقوى، إلا بتربية القوم تربية سلفية، يضع كل واحد منهم أمامه الأمثلة الحية من سيرة السلف ليتزود بها في مثل هذه المواقف، فلا يتجرأ على الفتيا بغير علم.

...قال الله تعالى: " وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ " [النحل/١١٦].

...أخرج ابن أبى حاتم عن أبى نضرة رضى الله عنه قال: قرأت هذه الآية فلم أزل أخاف الفتيا إلى يومي هذا.

...وقال تعالى: " آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " [يونس/٥٩ - ٦٠]

...يقول الزمخشرى: كفي بهذه الآية زاجرة زجراً بليغًا عن التجوز فيما يُسأل من الأحكام وباعثة على وجوب الاحتياط فيها، وأن لا يقول أحد في شيء جائز أو غير جائز، إلا بعد إتقان وإيقان، ومن لم يوقن فليتق الله وليصمت، وإلا فهو مفتر على الله تعالى. أهـ.

...وقال ابن المنكدر: المفتى يدخل بين الله وبين خلقه فلينظر كيف يفعل؟! فعليه التوقف والتحرز لعظم الخطر.

...قال أهل العلم: من سئل عن فتوى فينبغي عليه أن يصمت عنها، ويدفعها إلى من هو أعلم منه بها، أو من كلف الفتوى بها، وذلك طريقة السلف.

...قال ابن أبى ليلى: أدركت مائة وعشرين صحابيًا، وكانت المسألة تعرض على أحدهم فيردها إلى الآخر حتى ترجع إلى الأول.

...وهذا كان حال السلف، أما نحن فجرأة غير محسوبة العواقب، وتَصُدّر لما ينبغي الإحجام عنه، فينبغي أن يكون قصارى عهدك نقل العلم والتبليغ إن وثقت في ذلك،

<<  <   >  >>