للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال - صلى الله عليه وسلم - " الدين النصيحة " (١)، وهذا نظير قوله - صلى الله عليه وسلم - "الحج عرفة " (٢) أي أن النصيحة هي عماد الدين وقوامه، والمدار عليها وحدها.

وحقيقة النصيحة أن تقبل الحق ممن قاله، وإن كان بغيضاً، وأن ترد الباطل على قائله وإن كان حبيباً.

فتقبل الحق ولو جاء به الشيطان، ونرد الباطل ولو قال به شيخ الإسلام.

يقول ابن القيم في مدارج السالكين ـ وقد مر بكلمة ذكرها الشيخ الهروي وتحتاج إلى رد ـ: وشيخ الإسلام حبيب إلينا ولكن الحق أحب إلينا منه.

فنحن نحب الحق، وندور معه حيث دار، سواءٌ جاء الحق من صغير أو كبير، من عدو أو صديق، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها.

فينبغي على المسلم أن يسعى للنصيحة، ويطلبها من الصالحين الصادقين الموثوق بهم، الذين يعرفون بدينهم وتقواهم.

فهذا عمر بن عبد العزيز يطلب النصيحة من أحد رعيته (عمرو بن مهاجر) فيقول: يا عمرو إذا رأيتني ملت عن الحق فضع يدك في تلابيبي، ثم قل لي وهزني، ثم قل: ماذا تصنع يا عمر.

فأين - الآن - من يطلب النصيحة؟!! قالوا: افتضحوا فاتفقوا فالجميع لا يقبل النصيحة، وصار عامة الخلق مجاملاً، فلا تسمع إلا الثناء العاطر، والمبالغات في المدح، وكلنا يعرف أنه خداع. نسأل الله لنا ولكم العافية.


(١) أخرجه مسلم (٥٥) ك الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة.
(٢) أخرجه الترمذي (٨٨٩) ك الحج عن رسول الله، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج، والنسائي (٣٠١٦) ك مناسك الحج، باب فرض الوقوف بعرفة (٣٠٤٤) ك مناسك الحج، باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بمزدلفة، وابن ماجه (٣٠١٥) ك المنسك، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع، وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الترمذي (٧٠٥)، وصحيح ابن ماجه (٢٤٤١).

<<  <   >  >>