للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا عبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القران، مقدار ما سمع من النبي لم يبلغ نحو العشرين حديثًا، الذي يقول فيه " سمعت " و" رأيت "، وسمع الكثير من الصحابة، وبورك في فهمه، والاستنباط منه حتى ملأ الدنيا علمًا وفقهًا.

قال أبو محمد بن حزم: وجمعت فتاويه في سبعه أسفار كبار، وهي بحسب ما بلغ جامعها، وإلا فعلم ابن عباس كالبحر، وفقهه واستنباطه وفهمه في القران بالموضع الذي فاق به الناس، وقد سمع كما سمعوا، وحفظ القران كما حفظوه، ولكن أرضه كانت من أطيب الأراضي، وأقبلها للزرع، فبذر فيها النصوص، فانبتت من كل زوج كريم، " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " [الحديد /٢١]

وأين تقع فتاوى ابن عباس وتفسيره واستنباطه من فتاوى أبي هريرة وتفسيره، وأبو هريرة أحفظ منه، بل هو حافظ الأمة على الإطلاق، يؤدي الحديث كما سمعه، ويدرسه بالليل درسًا، فكانت همته مصروفة إلى الحفظ، وبلغ ما حفظه كما سمعه، وهمة ابن عباس مصروفة إلى التفقه والاستنباط، وتفجير النصوص وشق الأنهار منها، واستخراج كنوزها. وهكذا الناس بعده قسمان:

قسم الحفاظ معتنون بالضبط والحفظ، والأداء كما سمعوا، ولا يستنبطون، ولا يستخرجون كنوز ما حفظوه.

<<  <   >  >>