للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهؤلاءِ لا يخلو منهم زمان، فإنَّهم رأسُ الطائفةِ المنصورةِ القائمةِ بأمرِ اللهِ، قال - صلى الله عليه وسلم -: "ولن تزال طائفةٌ من هَذه الأمةِ قائمةً على أمرِ الله، لا يضرُّهُمْ مَنْ خالفهُمْ حَتَّى يأتيَ أمرُ اللهِ" (١).

قال الإمامُ البخاريُّ: هم أهلُ العلمِ.

ونحن -وإن كُنَّا في زمانٍ قلَّ علماؤُه- نُذَكِّرُ بهذا قطعًا لريبةِ مرتابٍ، وأملًا نَبُثُّه في قلبِ يؤوسٍ قانطٍ، قد ذَهَب مع كلِّ ناعقٍ يقول: لم يَعُدْ عالمٌ، وما أَمامنا إلا هذه الرؤوسُ الجُهَّالُ. فإنَّا نَدْحَضُ شبهتَه بهذا الحديثِ الأَغَرَّ، فإذا هو زاهقٌ، واللهُ المستعانُ.

فالعلماءُ هم رأسُ الجماعةِ التي أُمِرْنا بلزومِها وحُذِّرْنا من مفارقتِها، قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ فارق الجماعةَ قِيدَ شِبْرٍ، فقد خَلَع ربقةَ الإسلامِ من عنقِه" (٢).

والمحصلُ من أقوالِ أهلِ العلمِ في معنى الجماعةِ قولانِ:

الأولُ: هم جماعةُ المسلمين إذا اجتمعوا على الإمامِ الشرعيِّ.

الثاني: الجماعةُ هي المنهجُ والطريقةُ، فمن كان على هدي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وصحبِه والسلفِ الصالحِ فهو مع الجماعةِ.

وعلى القولين، فإنَّ رأسَ كيانِ هذه الجماعةِ هم العلماءُ، فهم أهلُ الحَلِّ والعَقْدِ، وهم الأَدِلَّاءُ على المنهجِ الصحيحِ.


(١) أخرجه البخاري (٧١) ك العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين.
(٢) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (١/ ١١٧) وصححه، وقال الذهبي: على شرطهما.

<<  <   >  >>