للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكنَّ السؤالَ الذي يترددُ كثيرًا ويُساءُ فَهْمُ جوابِه في واقعِ الناسِ هو: ما هي علامةُ أولي العلمِ ممن يَشْتَبِه بهم؟ فكيف لطالبِ العلمِ أنْ يعرفَ أنَّ شيخَه هذا من هذه الطائفةِ المباركةِ أو هو دونهم؟

والجوابُ عن ذلك يحتاج إلى وقفةِ تدبرٍ مهمةٍ في الشقِّ العِلْميِّ النظريِّ وتطبيقِ ذلك في الشِقِّ العمليِّ، فإنَّ من أكبرِ آفاتِ طلبةِ العلمِ في وقتِنا الحالي بليةَ التصنيفِ، لا عن هُدًى ورشدٍ، بل وَفْقَ هوًى وتراشقٍ لأسهمِ المتنازعين، فتعالَ -أيها المتفقه- نقلبُ صفحاتِ علمائِنا من السلفِ الصالحِ ليرشدونا لحقيقةِ هذه المسألةِ.

قالوا: علامةُ العالمِ:

١ - رسوخُ القَلَمِ فى مواطنِ الشُّبَهِ.

قال ابنُ القيمِ: إنَ الراسخَ في العلمِ لو وَرَدَتْ عليه مِن الشُّبهِ بعددِ أمواجِ البحرِ ما أزالت يقينَه، ولا قَدَحَتْ فيه شَكًّا؛ لأنه قد رَسَخ في العلمِ فلا تستفزه الشبهاتُ، بل إذا وَرَدَتْ عليه رَدَّها حرسُ العلمِ وجيشُه مغلولة مغلوبةً. (١)

ولذلك ترى صورَ العلماءِ مشرقةً عبر التاريخِ إبان نشوبِ الفتن، أما ترى إمامَ أهلِ السنةِ الإمامَ أحمدَ وكيف تصدى لبدعةِ خلقِ القرآنِ مع شدةِ الضغوطِ التي قام بها المعتزلةُ وقتَها مؤيدين بسيفِ الخلافةِ العباسيةِ.


(١) "مفتاح دار السعادة" (١/ ١٤٠).

<<  <   >  >>