للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابنُ عباسٍ -رضي الله عنهما-: قدم على عُمَر رجلٌ فجعل عمرُ يسألُه عن الناسِ، فقال: يا أميرَ المؤمنين، قد قَرَأ القرآنَ منهم كذا وكذا، فقلتُ: واللهِ ما أحبُّ أن يسارعوا يومَهم هذا في القرآنِ هذه المسارعةَ.

قال: فزبرني عُمر، ثم قال: مه!

فانطلقتُ إلى منزلي مكتئبًا حزينًا، فقلتُ: قد كنتُ نزلتُ من هذا بمنزلةٍ، ولا أراني إلا قد سقطتُ من نفسِه، فاضطجعتُ على فراشي حتى عادني نسوةُ أهلي وما بي وَجَع، فبينا أنا على ذلك قيل لي: أَجِبْ أميرَ المؤمنين. فخرجتُ، فإذا هو قائم على البابِ ينتظرُني، فأخذ بيدي، ثم خلا بي، فقال: ما الذي كرهتَ مما قال الرجلُ آنفًا؟!

قلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ، إن كنتُ أسأتُ فإني أستغفرُ اللهَ، وأتوبُ إليه، وأنزلُ حيثُ أحببت.

قال: لتخبرنِّي. قلت: متى ما يُسارعوا هذه المسارعةَ يَحْتَقَّوا (١)، ومتى ما يَحْتَقُّوا يَخْتَصِموا، ومتى ما يختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا.

قال: للهِ أبوك، لقد كنتُ أكتمُها النَاسَ حتى جئتَ بها" (٢).


(١) يحتقون: أي يختصمون فيقول كل واحد منهم: الحق بيدي. انظر "لسان العرب" مادة: (ح. ق. ق).
(٢) رواه عبدالرزاق في "المصنف" (١١/ ٢١٧، ح ٢٠٣٦٨)، من طريق يزيد بن الأصم عن ابن عباس، والفسوي في التاريخ (١/ ٥١٦ - ٥١٧)، والذهبي في السير (٣/ ٣٤٩) وقال محققه:- رجاله ثقات.

<<  <   >  >>