للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجَّح شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ أنَ "أولي الأمرِ" هم العلماءُ والأمراءُ جميعًا، وكذا الحافظُ ابنُ كثيرٍ، وابنُ القيمِ -رحمهما الله- وغيرُهما.

فطاعةُ العلماء تبَعٌ لطاعةِ اللهِ تعالى، فالعلماءُ بمثابةِ الأَدِلَّاءِ، بهم يُعْرَفُ حكمُ اللهِ، ويستعانُ بفهمِهم لفهم مرادِ اللهِ تعالى ومرادِ رسولهِ - صلى الله عليه وسلم -، لا أنَّ طاعتَهم مقصودةٌ لذاتِها.

ومن هنا يتبينُ الفرقُ بينَ التَعصُّبِ للآراءِ والأشخاصِ وبينَ الاستعانةِ بفهمِ هؤلاءِ العلماءِ للدلالةِ على الطريقِ، لأنهم الثقاتُ، ورثةُ الأنبياءِ، المشهودُ لهم بالعدالةِ، قال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: ١٨].

قال ابنُ القيمِ -رحمه الله-: وفي ضمنِ هذه الشهادةِ الإلهيةِ الثناءُ على أهلِ العلمِ الشاهدين بها وتعديلُهم (١).

ثمَ إنَّ الله اخْتَصَّهم دونَ سواهم بفهمِ آياتهِ، فخَوَاصُّ الأدلةِ -وهي الأمثالُ- تُضربُ للناسِ كلِّهم، ولكنَّ تعقلَها وفهمَها خاصٌّ بأهلِ العلمِ، قال تعالى {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: ٤٣].


(١) "مدارج السالكين" (٣/ ٤٧٣).

<<  <   >  >>