للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابنُ المباركِ -رحمه الله-: فإنَّه من اسْتَخَفَّ بالعلماءِ ذَهَبَت آخرتُه. (١)

فالاستخفافُ بالعلماءِ إيذاءٌ لهم، وهم أولياءُ اللهِ تعالى، ومَن آذى أولياءَ اللهِ تعالى أَوْشَكَ أن تتنزلَ عليه لعناتُ اللهِ تعالى ومقتُه.

- وفي الحديث القدسي: "مَنْ عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحربِ" (٢).

- ولقد قال رجل من المنافقين: ما رأيتُ مثلَ قُرَّائِنا هؤلاءِ أرغبَ بطونًا، ولا أكذبَ لسانًا، ولا أجبنَ عندَ اللقاءِ. فأنزل الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (٦٦)} [التوبة: ٦٥، ٦٦].

فرَدَّ اللهُ على اعتذارِهم غيرِ المقبولِ، وجَعَل استهزاءَهم بالرسولِ - صلى الله عليه وسلم -

وصحبِه استهزاءً به سبحانَه، وهذا يدلُّ على خطورةِ الأمرِ.

ثمَّ إنَّ القدحَ في العلماءِ والاستخفافَ بهم من جملةِ الغِيبةِ المنهيِّ عنها، وغِيبةُ العالمِ أعظمُ من غِيبةِ غيرِه لِعِظَمِ قدرِه، ولعلَّ من أفضلِ ما قيل في هذا الأمرِ كلمةَ الإمامِ الحافظِ ابنِ عساكرَ الدمشقيِّ -رحمه الله-.

قال: اعلم يا أخي -وفقني اللهُ وإياك لمرضاتِه، وجَعَلَنا ممن يخشاه ويتقيه حَقَّ تقاتِه- أنَّ لحومَ العلماءِ مسمومةٌ، وعادةُ اللهِ في هَتْكِ أستارِ


(١) "السير" (١٧/ ٢٥١).
(٢) أخرجه البخاري (٦٥٠٢) ك الرقاق. باب التواضع.

<<  <   >  >>