للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظرفيّتها: لاختصار الفعلية؛ إذ هى مقدّرة بالفعل؛ على الأصح.

وأما تأخيره:

فلأنّ ذكر المسند إليه أهمّ؛ كما مر.

ــ

(قلت): والوجهان بناء على أن سلاما محكى منصوب بفعل، وفى الآية قول: إنه مفعول بقالوا أو مطلقا، والمعنى قولا سلاما. قلت: والمسند هنا ليس جملة فلذلك قلنا:

إن المراد تعليل إتيان الجملة فعلية مطلقا وعلى التفصيل بين الاسمية والفعلية جاء قوله تعالى: سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (١) أى: تجدد دعائكم أم صمتكم المستمر؛ لأن الصمت عندهم هو الذى كان عادة مستمرة، وكذلك: قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (٢) أى: هل أحدثت لنا ما لم تكن تألفه أم أنت على اللعب الذى كان مستمرا من الصغر على زعمهم. وأما قوله تعالى: وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٣) بعد من يقول: آمنا، فالمراد إخراج ذواتهم من جنس المؤمنين مبالغة فى تكذيبهم؛ ولهذا أطلق مؤمنين وأكد بالباء، ونحوه: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها (٤). وقد يقال عليه: إن الاسم إذا كان دالا على الثبوت وعلى النسبة كيف يدل نفيه على نفى كل منهما، ونفى الأخص أعم من نفى الأعم؟

وأما شرطية الجملة فلما مر، وقوله: (وظرفيتها) لاختصار الفعلية مثاله: زيد عندك أبوه، أو زيد عندى، أو فى الدار وأن التقدير: استقر فى الدار فهو لاختصار ذلك، وقد بناه المصنف على رأيه من أنها مقدرة بفعل، والجمهور أنها مقدرة باسم. وقول المصنف:

(ظرفية الجملة) على هذا الشرح لا يصح؛ لأن الظرف ليس بجملة إلا إذا قلنا فى: زيد عندك أبوه: إن العمل للظرف نفسه، بل الظرف على هذا ليس بجملة، إنما هو جزء الجملة، وكأنه يعنى بظرفية الجملة أن ينطق بظرفيتها.

[تأخير المسند]

ص: (وأما تأخيره فلأن ذكر المسند إليه أهم كما مر).

(ش): هذا واضح وقد تقدم ذكره؛ لأن كل ما اقتضى تقدم المسند إليه من كونه الأصل وغيره اقتضى تأخير المسند.


(١) سورة الأعراف: ١٩٣.
(٢) سورة الأنبياء: ٥٥.
(٣) سورة البقرة: ٨.
(٤) سورة المائدة: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>