للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإمّا لمجرّد الاختصار عند قيام قرينة؛ نحو: أصغيت إليه، أى: أذنى؛ وعليه:

أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ (١) أى: ذاتك.

وإما للرعاية على الفاصلة؛ نحو: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٢).

ــ

وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ (٣)؛ لأن الواقع أن كل أحد دعاه الله إلى دار السّلام، فإن قلت: إذا قدرت يدعو من يشاء، وقد شاء دعاء كل أحد طابق ما بعده وحصل العموم؛ لأن المعنى من يشاء أن يدعوه. قلت: إنما يحذف فى الأول ما فى الثانى، والذى فى الثانى تقديره: من شاء أن يهديه، فلو قدرنا مثله فى الأول لكان تقديره يدعو من يشاء هدايته، وهو غير المراد، ويمكن النزاع فيه وأن يقال: تقدير من يشاء هدايته يدل على تقدير من يشاء دعوته؛ لأن قرينة كل مفعول محذوف فعله فالجواب حينئذ أنا لو قدرنا: يدعو من يشاء لأوهم انقسام الناس إلى مدعو وغيره كانقسامهم إلى مهدى وغيره، ولك أن تقول: الحذف للاختصار، وأما التعميم فمن أين استفدناه؟! وإفادة التعميم من هذه الآية إنما حصل من خصوص الآية بدليل خارجى.

[حذف الفعل لمجرد الاختصار]

وإما للاختصار عند قيام قرينة دالة على إرادة الاختصار نحو: أصغيت إليه أى:

أذنى وهو من الأفعال التى أميت ذكر مفعولها ومنه: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ (٤) أى:

أنفسكم، وبنى على امرأته، أى: قبة، ورجع عن الغواية أى: نفسه. ومنه قوله تعالى:

أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ أى ذاتك.

(قلت): وعندى أن ترك المفعول هنا للتعظيم، وعلى ما سبق صحح الزمخشرى قول أبى نواس:

وإذا نزعت عن الغواية فليكن ... لله ذاك النّزع لا للنّاس (٥)

قال: لأن الفعل متعد فى أصله فلا عليه إذ نظر إلى الأصل.

[حذف الفعل لرعاية الفاصلة]

وإما لرعاية الفاصلة، وعبارة المصنف للرعاية على الفاصلة، وفيها نظر، ولعله ضمنه معنى المحافظة، ومثاله قوله تعالى: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى أى: ما قلاك فإنه روعى قوله تعالى: سَجى (٦).


(١) سورة الأعراف: ١٤٣.
(٢) سورة الضحى: ٣.
(٣) سورة يونس: ٢٥.
(٤) سورة البقرة: ١٩٨.
(٥) البيت لأبى نواس فى ديوانه ص: ٢٨٤، والطراز ح ٣ ص: ١٨١، وفى المصباح ص: ٢٧٢.
(٦) سورة الضحى: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>