للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقديم بعض معمولاته على بعض لأنّ أصله التقديم، ولا مقتضى للعدول عنه؛ كالفاعل فى نحو: ضرب زيد عمرا خ خ، والمفعول الأوّل فى نحو: أعطيت زيدا درهما خ خ.

أو لأنّ ذكره أهمّ؛ كقولك: قتل الخارجىّ فلان خ خ. أو لأنّ فى التأخير إخلالا ببيان المعنى؛ نحو: وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ (١) فإنه لو أخّر: مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ عن قوله: يَكْتُمُ إِيمانَهُ - لتوهّم أنه من صلة (يكتم)؛ فلا يفهم أنه منهم.

أو بالتناسب؛ كرعاية الفاصلة؛ نحو: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (٢).

ــ

[تقديم بعض معمولات الفعل عليه]

ص: (وتقديم بعض معمولاته على بعض ... إلخ).

(ش): تقديم بعض المعمولات على بعض يكون لأحد أمور:

إما لأن ذلك التقديم هو الأصل، ولا مقتضى للعدول عنه كالفاعل فإن أصله التقديم على سائر معمولات الفعل؛ لكونه عمدة وكذلك المفعول الأول فى باب أعطيت زيدا درهما؛ لأنه فى الأصل الفاعل المعنوى، وإما أن يعدل عن الأصل فيقدم المفعول على الفاعل إذا كان الغرض وقوع الفعل بالمفعول، لا صدوره من الفاعل كقولك: قتل الخارجى فلان، فإن الغرض متوجه لقتل الخارجى لا غير وإزاحة شره لا لقاتله من هو، وإما لأن فى تأخيره خيفة أن يلتبس المعنى بغيره كقوله سبحانه وتعالى: وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ فإنه لو قيل: يكتم إيمانه

من آل فرعون لتوهم أن من آل فرعون من صلة يكتم فيختل المقصود.

قلت: فيه نظر من وجهين:

أحدهما: أن الوصف بالجملة أصله التأخير عن الوصف بالجار والمجرور، فهذا ماش على الأصل فلا حاجة لتعليله وما كان بالوضع والذات لا يعلل بالغير، ثم لا يسمى ذلك تقديما، فإن التقديم يكون لشئ نقل عن محله إلى ما قبله، كذا صرح به الزمخشرى وهو القياس.

الثانى: أن هذا التوهم إنما كان يصح أن لو كان يكتم يتعدى بمن، وليس كذلك فإنه يتعدى بنفسه، فهذا الوهم ليس له مجال، وما يقع فى كلام الناس من تعدية يكتم بمن الظاهر أنه ليس له أصل، وإما أن يقدم وإن كان أصله التأخير رعاية لتناسب فواصل الآى نحو: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى.


(١) سورة غافر: ٢٨.
(٢) سورة طه: ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>