للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الطرق تختلف من وجوه؛ فدلالة الرابع بالفحوى، والباقية بالوضع.

والأصل فى الأول: النّصّ على المثبت والمنفى - كما مرّ - فلا يترك إلا كراهة الإطناب؛ كما إذا قيل: زيد يعلم النحو،

والتصريف، والعروض أو: زيد يعلم النحو، وعمرو وبكر فتقول فيهما: زيد يعلم النحو لا غير أو نحوه.

وفى الثلاثة الباقية: النّصّ على المثبت فقط.

ــ

[اختلاف طرق القصر]

ص: (وهذه الطرق تختلف ... إلخ).

(ش): يعنى أن هذه الطرق وإن اشتركت فى إفادة القصر، فإنها تختلف من وجوه، منها: أن دلالة الرابع وهو التقديم بالفحوى، ودلالة ما قبله بالوضع، ونعنى بالفحوى المفهوم، وهو مخالف لاصطلاح الأصوليين؛ فإن الفحوى عندهم مفهوم الموافقة، لا مفهوم المخالفة، وما نحن فيه مفهوم مخالفة، وليعلم أن القصر يتضمن قضيتين إثباتا ونفيا، فالتحقيق أن القصر لا يسمى منطوقا ولا مفهوما، بل تارة يكون كله منطوقا، مثل: زيد قائم لا قاعد، وتارة يكون بعضه منطوقا وبعضه مفهوما، فإن كان بإنما فهو إثبات للمذكور بالمنطوق ونفى لغيره بالمفهوم، نحو: إنما زيد قائم، فإثبات القيام لزيد منطوق، ونفيه عن غيره مفهوم، وإن كان بإلا والاستثناء تام فحكم المستثنى منه ثابت بالمنطوق وحكم المستثنى بالمفهوم، سواء كان نفيا، نحو: ما قام أحد إلا زيد، أم إثباتا، نحو: قام الناس إلا زيدا، وإن كان الاستثناء مفرغا، نحو: ما قام إلا زيد، فيظهر أن المستثنى منه ثابت بالمنطوق، وسيأتى فى كلام المصنف أن النص فيه على المثبت فقط ولا نعنى ما نحن فيه، بل نعنى عدم العطف عليه، أى: لا تقول: ما قام إلا زيد لا عمرو، ولكن تقدم فى كلام الوالد أنه بالمفهوم فى المفرغ، وإن كان بالتقديم، نحو: تميمى أنا، فالحكم للمذكور منطوق، ونفيه عن غيره بالمفهوم، وإذا تأملت ما قلنا علمت أن قول المصنف غير ماش على التحقيق.

ص: (والأصل فى الأول ... إلخ).

(ش): هذا وجه ثان وهو أن الأصل فى الصيغة الأولى، وهى العطف ذكر الطرفين فإنها مصرحة بالمثبت والمنفى كقولك: زيد قائم لا قاعد، وما هو قائم بل قاعد أو لا غير، كذا قالوه، وفيه نظر؛ لأن لفظ" لا غير" لا يستعمل مقطوعا عن الإضافة، ولا يترك ذلك إلا لمعنى يقتضى كراهة الإطناب، وأما بقية الصيغ فالأصل فيها النص على المثبت فقط، هكذا قال المصنف، ولا نعنى أن النفى غير مستفاد نصا، بل بمعنى أنه لا يذكر بعده التصريح بالنفى، وقد يترك

<<  <  ج: ص:  >  >>