للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنشاء (١) إن كان طلبا استدعى مطلوبا غير حاصل وقت الطلب،

ــ

[باب الإنشاء]

ص: (الإنشاء إن كان طلبا استدعى مطلوبا ... إلخ).

حقيقة الإنشاء التى يتميز بها الخبر سبقت، وهو ينقسم إلى طلب وغيره، كذا قالوه، والأحسن أن يقال: إلى طلبى وغيره، وقد عدوا من غير الطلبى: نعم الرجل زيد، وربما نصحك عمرو، وكم غلاما شريف، وعسى أن يجئ زيد وفيه نظر؛ لأن الأول قد يقال: إنه خبر، وقول كثير من النحاة: إن نعم وبئس لإنشاء المدح والذم، لا ينافى ذلك لجواز أن يريدوا دلالتها على ذلك الناشئة بالإخبار. قال الطيبى فى شرح التبيان: قال الاستراباذى فى كون فعلى التعجب وفعلى المدح والذم وكم الخبرية إنشاء نظر؛ لاحتمالهما الصدق والكذب باعتبار نفس الخبر، وإن لم يحتملا باعتبار المدح والذم، ومن ثم لما بشر أعرابى ببنت، فقيل: نعمت المولودة قال: والله ما هى بنعمت المولودة.

قال الجرجانى: وهم؛ لأن هذه الأفعال لا تحتملها باعتبار النسبة التى يحصل بها الكلام. انتهى. ومما يدل على أنهما خبران وقوع نعم خبر إن فى قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ (٢)، ووقوعها جواب القسم فى قوله تعالى: وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ (٣)، وكذلك بئس، قال تعالى: وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ (٤)، وأما: ربما نصحك عمرو، فلا إشكال فى كونه خبرا، وكذلك كم الخبرية. قال ابن الحاجب فى أماليه: كم رجال عندى، يحتمل الإنشاء والإخبار، أما الإنشاء فمن جهة التكثير؛ لأن المتكلم عبر عما فى باطنه من التكثير بقوله: رجال، والتكثير معنى محقق ثابت فى النفس، لا وجود له من خارج حتى يقال باعتباره: إن طابق فصدق، وإن لم يطابق فكذب، ويحتمل الإخبار باعتبار العندية فإن كونهم عنده له وجود من خارج، فالكلام باعتباره يحتمل الصدق والكذب، فهو كلام يحتمل للأمرين باعتبار الاحتمالين المذكورين المختلفين، قلت: هذا الكلام ضعيف، والذى يظهر القطع به أن هذا


(١) هو الكلام الذى ليس لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه.
(٢) سورة النساء: ٥٨.
(٣) سورة النحل: ٣٠.
(٤) سورة البقرة: ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>