للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بعد:

فلمّا كان علم البلاغة وتوابعها من أجلّ العلوم قدرا؛ وأدقّها سرّا؛ ...

ــ

[مقدمة فى أهمية علم البلاغة]

ص: (أما بعد):

(ش): هى كلمة فصيحة. قيل: إنها فصل الخطاب الذى أوتيه داود عليه السّلام، وقد كان النبى - صلّى الله عليه

وسلّم - يذكرها فى خطبه، وكذلك العرب قال سبحان:

لقد علم الحىّ اليمانون أنّنى ... إذا قلت: أمّا بعد. أنّى خطيبها (١)

وسيأتى ذلك فى آخر الكتاب، والمعنى: أما بعد الحمد والصلاة.

ص: (فلما كان علم البلاغة وتوابعها من أجل العلوم قدرا، وأدقها سرا).

(ش): علم البلاغة تارة يطلق على العلوم الثلاثة التى تضمنها هذا المختصر، وتارة يطلق على علم المعانى والبيان، وعلم البديع حينئذ تابع. والمصنف جعل علم البلاغة مجموع العلمين، وجعل علم البديع من توابع البلاغة، والتابع والمتبوع علما واحدا.

وقوله: (من أجل العلوم قدرا) يقع مثله فى الكلام كثيرا، أعنى دخول من على أفعل التفضيل، وإنما يكون ذلك فى أحد موضعين:

الأول: أن تكون الأفراد مستوية الرتبة فى تميزها على غيرها، فيقال عن كل منها إنه الأفضل؛ لأنه بعضه فيصح ما ذكره المصنف، إن كانت علوما مستوية الرتبة.

وهيهات أن يعلم ذلك، أما إذا كانت العلوم متفاوتة، فلا يصح أن يقال عن أعلاها:

إنه من خيرها بل هو خيرها ولا يقال عما يليه: إنه من خيرها؛ لأنه ليس شيئا منه، تقول: زيد أفضل الناس، ولا يقال: من أفضلهم إلا إذا كان له مساو.

الثانى: أن يكون بعض أنواع الحقيقة أفضل أنواعها، فيقال حينئذ عن ذلك النوع: إنه خيرها فيلزم عنه أن يقال عن كل فرد من أفراده: إنه من خيرها، أى من النوع الذى هو خيرها، ومن هذا القسم قوله تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ


(١) البيت من الطويل، وهو لسحبان وائل فى خزانة الأدب ١٠/ ٣٦٩، ٣٧٢، وبلا نسبة فى لسان العرب (سحب).

<<  <  ج: ص:  >  >>