للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الأربعة (١) يجوز تقدير الشرط بعدها؛ كقولك: ليت لى مالا أنفقه (٢) وأين بيتك أزرك؟ وأكرمنى أكرمك ولا تشتمنى يكن خيرا لك.

ــ

ومنها: الإهانة مثل: اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ (٣)، ومنها: التمنى نحو قولك: لا ترحل أيها الشباب، ومنها: الامتنان نحو: وَلا تَأْكُلُوا (٤). ومنها: الاحتقار والتقليل كقوله تعالى: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ (٥) فهو احتقار للدنيا، قاله الإمام فى البرهان، وفيه نظر، بل هو للتحريم. ومنها: نحو: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (٦) وفيه نظر؛ لأنه نهى تحريم. وغالب ما تقدم من المعانى التى استعملت فيها صيغة افعل ممكن وروده هاهنا.

[هذه الأربعة تقدير الشرط بعدها]

ص: (وهذه الأربعة يجوز تقدير الشرط بعدها ... إلخ).

(ش): أى: هذه الأنواع الأربعة من الإنشاء، وهى: التمنى، والاستفهام، والأمر، والنهى يجوز أن يجزم بعدها المضارع، وإنما قال: يجوز؛ لأنه لا يجب، بل يجوز رفعه على الاستئناف. وفى جازمه أقوال:

الأول: أن كلا منهما ضمن معنى حرف الشرط وفعله، فمعنى أسلم تسلم، إن تسلم وضمن أسلم معنى أن تسلم، ونسب هذا للخليل وسيبويه، واختاره ابن مالك.

الثانى: أن جملة الشرط حذفت، ونابت هذه الأشياء عنها فى العمل، وهذا مذهب الفارسى والسيرافى، وصححه ابن عصفور.

الثالث: أن الجزم بلام مقدرة.

الرابع: أنها مجزومة بشرط مقدر قبلها، واختاره شيخنا أبو حيان، أى: قبل المجزوم؛ وبعد هذه الأمور. وهذا هو الذى قاله المصنف، فقوله: يجوز تقدير الشرط بعدها، أى: بعد التمنى والاستفهام والأمر والنهى، وإنما حصل الجزم بعد الأربعة، لأن الشرط سبب للجزاء، أعنى: سببا فى الأعيان، وإن كان مسببا فى الأذهان فتناسبا، وبما ذكرناه يعلم الجواب من كونه لم يقع الجزم بعد النداء، وإن كان أيضا طلبا؛ لأنا نراعى فى الطلب الذى يجزم جوابه أن يكون قصد منه فائدة


(١) وهى التمنى والاستفهام والأمر والنهى.
(٢) فى ط، د خفاجى، وط الحلبى زيادة: (أى إن أرزقه أنفقه).
(٣) سورة المؤمنون: ١٠٨.
(٤) سورة البقرة: ١٨٨.
(٥) سورة طه: ١٣١.
(٦) سورة البقرة: ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>