للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

(ش): لما كانت الحال الواقعة جملة تارة تدخلها الواو، وتارة لا تدخل، صار لها فى الصورة حالتا فصل ووصل، فناسب ذكره ذلك تبعا لباب الفصل والوصل، وجعل كالذنب لما قبله، فلذلك سمى ذكره تذنيبا وهذا الباب كله تفريع على أن هذه الواو أصلها العطف، قال شيخنا أبو حيان: ليست واو الحال عاطفة، ولا أصلها العطف، خلافا لمن زعم من المتأخرين بأنها عاطفة مستدلا بأن" أو" لا يصح دخولها عليها فى نحو قوله تعالى: أَوْ هُمْ قائِلُونَ (١)

فلو كانت خلاف العاطفة لم يمتنع ذلك.

(قلت): أما كونها ليست عاطفة فلا شك فيه، وأما كونها ليس أصلها العطف ففيه نظر، ولعل الشيخ يريد بالذى زعم أنها عاطفة الزمخشرى فإنه ذكر فى قوله تعالى:

بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ إن الواو حذفت من أَوْ هُمْ قائِلُونَ استثقالا لاجتماع حرفى عطف؛ لأن واو الحال هى واو العطف، استعيرت للتوكيد، ورد الشيخ أبو حيان عليه بأنها لو كانت واو العطف للزم أن لا تقع إلا بعد ما يصلح حالا، وليس كذلك، بل تقع حيث لا يكون ما قبلها حالا، نحو: جاء زيد والشمس طالعة، فجاء لا يمكن أن يكون حالا، وفى هذا الرد نظر؛ لأمرين: أحدهما: أن الزمخشرى لم يقل: إنها عاطفة؛ بل مراده أن أصلها العطف، واستعيرت للربط كما أن أصل الفاء العطف واستعيرت لربط الشرط بالجواب، وبرهان إرادته ذلك أنه قال فى تفسير قوله تعالى: وَأَصابَهُ الْكِبَرُ (٢) هذه الواو واو الحال وليست واو العطف، وقوله: استثقالا لاجتماع حرفى عطف، أى:

فى الصورة.

وسيأتى عن عبد القاهر استثقال اجتماع واو الحال مع حرف غير عاطف وهو كأنما، فما صورته وأصله العطف أولى.

الثانى: أن قوله: إنها تجئ فيما لا يمكن فيه أن يكون ما قبلها حالا مثل: جاء زيد والشمس طالعة، إن أراد أن الجملة السابقة غير حالية فصحيح؛ ولكن هى ملازمة لذلك فلا يصح قوله: إنها تجئ فيما لا يمكن فإنها لا تقع الا كذلك، وإن أراد أنه لو عكست وقلت: طلعت الشمس وجاء زيد لم يصح، فليس كذلك، وإن أراد أنها تقع حيث لا يكون قبلها حال فيقول القائل: إنها عاطفة نقول: لا؛ لأنها عاطفة على الحال


(١) سورة الأعراف: ٤.
(٢) سورة البقرة: ٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>