للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمراد بالحسى: المدرك هو أو مادّته - بإحدى الحواسّ الخمس الظاهرة؛ فدخل فيه الخيالىّ؛ كما فى قوله (١) [من مجزوء الكامل]:

وكأنّ محمرّ الشّقي ... ق إذا تصوّب أو تصعّد

أعلام ياقوت نشر ... ن على رماح من زبرجد

ــ

ولا أدرى من أين له هذا، وأكثر أهل اللغة قالوا: الهمس الصوت الضعيف. لكن قال الثعالبى فى فقه اللغة: الهمس صوت حركة الإنسان، وقال ابن سيده فى المحكم:

الهمس الخفى من الأكل، والضرب، والوطء، وهو قريب من كلام الثعالبى. والآية ترشد إليه فى قوله تعالى: وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً (٢) معناه أن الأصوات سكنت فلا تسمع إلا حركة الأعضاء. وبذلك يعلم أن قول المصنف: الصوت الخفى - أى من الكلام ونحوه - يشبه بصوت الحركة، فقوله: (المراد بالحسى ما أدرك هو أو مادته فدخل فيه الخيالى) يرد عليه ما سبق فينبغى أن يقيد الخيالى بأعم مما ذكره، ومثل له بقوله:

كأنّ محمر الشّقي ... ق إذا تصوّب أو تصعّد

أعلام ياقوت نشر ... ن على رماح من زبرجد

يعنى بما لا يدرك هو ولكن أدركت مادته ما أدركت أفراده بالحس - أى أجزاء كل جزئى منه، ولم يدرك هو أى هيئته الاجتماعية فيكون ملحقا بالحسى؛ لاشتراك الحس والخيال فى أن المدرك بهما صورة لا معنى، ويتميز عن الوهمى بأن أجزاء كل فرد منه موجودة فى الخارج بخلاف الوهمى، وهنا قد شبه الشقيق بأعلام ياقوت منشورة على رماح من زبرجد. فأفراد المشبه به من العلم والياقوت والرماح والزبرجد حسية، والهيئة

الاجتماعية الحاصلة منها خيالية، فالمشبه مفرد حسى، والمشبه به مركب خيالى كذا قاله الخطيبى.

(قلت): قوله: إن أفراد المشبه به العلم والياقوت والرماح والزبرجد مدركة بالحس ليس بجيد؛ لأن الأفراد إنما هى أعلام من ياقوت ورماح من زبرجد، وهما خياليان.


(١) البيت للصنوبرى، المصباح ص ١١٦، أسرار البلاغة ص ١٥٨، والطراز ١/ ٢٧٥.
(٢) سورة طه: ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>