للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما فى تشبيه من لا يحصل من سعيه على طائل بمن يرقم على الماء.

وهذه الأربعة تقتضى أن يكون وجه الشّبه فى المشبّه به أتمّ، وهو به أشهر.

ــ

كما علا برسول الله عدنان

وهو الموافق لقول المصنف: بين ما لم تجر به العادة بما جرت به العادة، وقول المصنف: (كتشبيه من لا يحصل على طائل) فيه نظر فينبغى أن يقول: لا يحصل على شئ، فإن لا يحصل على طائل قد يحصل على شئ ما، وذلك لا يشبه الراقم على الماء، فإن ذلك لا يحصل على شئ البتة.

ثم قال المصنف: إن (هذه الأمور الأربعة تقتضى أن يكون وجه الشبه فى المشبه به أتم وهو) أى المشبه (به) أى بوجه الشبه (أشهر)؛ لأن المشبه به كالمبين المعرف للمشبه فليكن أوضح، لأن التعريف إنما يكون بالأوضح، وهذه العلة واضحة بالنسبة إلى اشتراط كونه أشهر، أما كونه فيه أتم، فهذه العلة لا تقتضيه، ثم كون وجه الشبه أتم ينافى ما إذا قصد بيان مقدار حاله، وهو أحد الأمور الأربعة، ثم كون وجه الشبه فى المشبه به أتم، لا اختصاص له بهذه الأربعة، بل كل تشبيه كان الغرض به عائدا للمشبه كذلك، كما صرح به السكاكى. والنظر يقتضيه أيضا، ولهذه القاعدة قال المعرى:

ظلمناك فى تشبيه صدغيك بالمسك ... وقاعدة التشبيه نقصان ما يحكى (١)

ثم سيأتى من كلام المصنف ما يقتضى ذلك، ويخالف ما ذكره هنا. وقد اعترض على هذه القاعدة بأن صلاة الله تعالى على نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم شبهت بالصلاة على إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم فى قوله - عليه الصلاة والسّلام -:" قولوا اللهم صلى على محمد" (٢) وأجيب عنه بأجوبة مشهورة، تقتضى تسليم هذه القاعدة، ولذلك عيب على البحترى قوله:

على باب قنّسرين، واللّيل لاطخ ... جوانبه من ظلمة بمداد (٣)

فإن المداد قد يكون فاقد السواد الشديد، بخلاف الليل فإن سواده أبلغ، وهذا ليس تشبيها لفظيا بل هو استعارة.


(١) البيت لأبى العلاء المعرى فى عقود الجمان ٢/ ٢١.
(٢) أخرجه البخارى فى" الدعوات"، (١١/ ١٤٥)، وفى غير موضع من صحيحه، وسلم (ح ٤٠٧).
(٣) البيت للبحترى فى عقود الجمان ٢/ ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>