للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل أنها مجاز لغوىّ: كونها موضوعة للمشبّه به، لا للمشبّه، ولا للأعمّ منهما.

ــ

ص: (ودليل أنها مجاز لغوى إلخ).

(ش): قد علمت أن هذا الباب معقود للاستعارة التحقيقية، والاستعارة لفظ تضمن تشبيه معناه بما وضع له، والمراد بمعناه ما عنى به، أى ما استعمل فيه، وبهذا علم أن الاستعارة لا بد لها من الاستعمال فى غير موضوع اللفظ، فخرج بهذا نحو:" زيد أسد" فإنه تشبيه على رأى المصنف، ونحوه:" رأيته أسدا" فكل منهما تشبيه كما سبق، وخرج به نحو:" رأيت به أسدا" فليس استعارة ولا تشبيها، بل هو تجريد، وسيأتى الكلام عليه إن شاء الله - تعالى - وحاصله أن الكلام إذا اشتمل على المشبه به، فالمشبه إما أن يكون - أيضا - مذكورا لفظا أو تقديرا أو لا، فإن لم يكن الكلام استعارة - وليس تشبيها بلا خلاف - مثل:" لقيت أسدا" تريد شجاعا، كذا قال المصنف، وليس كما قال، فالخلاف فيه موجود. قال أبو الحسن حازم بن محمد بن حازم فى كتاب منهاج البلغاء وسراج الأدباء: التشبيه بغير حرف شبيه بالاستعارة فى بعض المواضع، والفرق بينهما أن الاستعارة وإن كان فيها معنى التشبيه فتقدير حرف التشبيه لا يسوغ فيها، والتشبيه بغير حرف على خلاف ذلك لأن تقدير حرف التشبيه واجب فيه ألا ترى إلى قول الوأواء الدمشقى:

فأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت ... وردا وعضّت على العنّاب بالبرد (١)

يسوغ لك أن تقدره:" وعضت على مثل العناب بمثل البرد"، وكذلك سائر ما فى البيت، ولا يسوغ ذلك فى الاستعارة نحو قول ابن نباتة

حتى إذا بهر الأباطح والربا ... نظرت إليك بأعين النوار

لأنه لا يصح أن تقدر:" نظرت إليك بمثل أعين النوار" اه والتحقيق أنه إن لم يصح تقدير أداة التشبيه فهو استعارة، وإن صح فيحتمل أن يكون استعارة وأن يكون تشبيها، فإذا قلت:" رأيت أسدا" جاز أن يكون تشبيها، والمشبه به باق على حقيقته على تقدير الحذف، وأن يكون استعارة ولا تقدير، وعليه أنشد الأدباء بيت الوأواء لأنه مقصود الشاعر، وذلك يفهم من كل مكان على حسبه، والغالب عند قصد


(١) ديوان الوأواء الدمشقى ص ٧٤، دلائل الإعجاز، وصدر البيت فيه:" فأسبلت" ص ٤٤٩، والمصباح ص ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>