للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيسمّى التشبيه استعارة بالكناية، أو مكنيّا عنها، وإثبات ذلك الأمر للمشبّه استعارة تخييلية؛ ...

ــ

إنما شرطنا أن يكون مساويا - وإن أطلق الجمهور اللازم - لأن اللازم غير المساوى لا يدل به على المشبه به، إذ لا يفهم منه. وقولهم: أمر يختص بالمشبه به معكوس، وصوابه أن يقال: أمر يختص به المشبه به يظهر بالتأمل. (قوله: فيسمى التشبيه استعارة بالكناية أو مكنيا عنها) وإنما سميت استعارة بالكناية إن فسرنا الاستعارة بالكناية بما فسر به المصنف؛ لأن فيها حقيقة الكناية المصطلح عليها، لأنه أطلق فيها اللفظ على شئ لإفادة لازمه، فأطلقت المنية على حقيقتها اللغوية لإفادة لازمها، وهو أن لها اغتيال السبع المدلول عليه بقوله:" أنشبت أظفارها" وكان الواجب على هذا عدها من قسم الكنايات وتسميتها كناية، لكنه لما كان هذا اللازم الذى دل عليه لفظ المنية من السبعية لازما بطريق الادعاء لا بطريق الحقيقة، فإن حقيقة اغتيال السبع لا يوجد فى المنية، فسميت استعارة، فأشير إلى المعنيين، بقولنا: استعارة بالكناية، وأما على رأى السكاكى، فيحتمل أن يقال: إنما سميت بذلك مراعاة - أيضا - للكناية، والاستعارة المصطلح عليها على العكس مما سبق، فإن المنية استعملت فى السبع فكان تسميتها استعارة حقيقة اصطلاحية، ولما كان كونها استعارة غير مقصودة بالإفادة، بل المقصود إفادة أن لها اغتيال السبع ذكر فيها لفظ الكناية؛ لأن اللفظ استعمل فى شئ، والمراد إفادة لازمه، وفيه نظر؛ لأن ذلك يستلزم أن الاستعارة التحقيقية - أيضا - تسمى استعارة بالكناية؛ لأنك إذا قلت:" رأيت أسدا" لا تريد الإخبار بكون زيد من جنس الأسد، بل تريد استعماله فى ذلك لإفادة لازمه، وهو الشجاعة، ويحتمل أن يريد بالكناية الكناية اللغوية، وأما تسميتها مكنيا عنها، فعلى رأى المصنف واضح؛ لأن اللفظ ليس استعارة حقيقية، بل هو حقيقة، ولكن كنى بها عن الاستعارة، أى لم يصرح بها؛ لأن جملة الكلام معناه استعارة فالاستعارة غير مصرح بها، وعلى رأى السكاكى، فلأن الأصل إنما هو استعارة السبع للمنية لا استعارة المنية للسبع، فلما عكس فى الصورة كانت استعارة مكنيا عنها، فإن الاستعارة بالحقيقة الاصطلاحية هى استعارة السبع للمنية وهى غير مصرح بها، بل كنى عنها، وما ذكرناه أحسن من قول من قال: سميت استعارة بالكناية ومكنيا عنها؛ لأن المشبه به غير مذكور، بل كنى عنه بذكر لازمه. (قوله:

وإثبات ذلك الأمر للمشبه) أى يسمى إثبات ذلك الأمر الذى هو اللازم المساوى للمشبه: (استعارة تخييلية)؛ لأنها ليست ثابتة للمشبه بالتحقيق بل بالتخييل، وعلم منه أن الاستعارة

<<  <  ج: ص:  >  >>