للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [قد يطلق المجاز على كلمة تغيّر حكم إعرابها بحذف لفظ أو زيادة لفظ]

وقد يطلق المجاز على كلمة تغيّر حكم إعرابها بحذف لفظ أو زيادة لفظ؛ كقوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ (١)، وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ (٢)، وقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (٣) أى:

أمر ربّك، وأهل القرية، وليس مثله شئ.

ــ

فصل: قد يطلق المجاز على كلمة تغير حكم إعرابها: ص: (فصل قد يطلق المجاز إلخ).

(ش): هذا النوع الآخر من أنواع المجاز وقوله: قد يطلق إشارة إلى أن تسمية هذا النوع مجازا ليس على التحقيق، لأن المجاز لفظ مستعمل فى غير موضوعه، وليس فى النقص لفظ استعمل فى غير موضوعه، والزيادة - أيضا - لم يستعمل الزائد فى غير موضوعه، وفى الثانى نظر؛ لأن استعماله للتأكيد استعمال فى غير موضوعه لا يقال: شرط المجاز العلاقة بين الموضوع وما استعمل فيه، ولا علاقة، لأنا نقول: العلاقة بين تأكيد المعنى وتأسيسه جلية. وقد بالغ الجرجانى عبد القاهر فى الرد على من سمى هذا مجازا، وقال السكاكى:

رأيى أن يقال: هو مشبه للمجاز وملحق به؛ لاشتراكهما فى التعدى عن الأصل: قوله (على كلمة) دخل فيه الاسم، والفعل، والحرف. (تغير حكم إعرابها) أى نقل عن الإعراب الذى كان لها قبل الحذف، والزيادة. (بحذف لفظ) حرفا كان، أم فعلا، أم اسما. (أو زيادة لفظ) كذلك؛ لأن الفعل قد يزاد كما تزاد" كان"، واعلم أن عبارة المصنف تقتضى أن المجاز فى مجاز الزيادة، وهو الكلمة التى تغير بزيادة غيرها إعرابها، وليس كما قال؛ بل التجوز هو فى نفس الكلمة الزائدة، فالحذف (كقوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ) والأصل وجاء أمر ربك، فكان إعراب" رب" الجر فتغير بالحذف وصار إلى الرفع؛ لأنه أعطى إعراب المضاف المحذوف (وكقوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) أى أهلها على أحد الأقوال المتقدمة فى باب الإيجاز، ويرد على المصنف أنه ليس من شرط مجاز الحذف أن يتغير الإعراب، فقد يحذف المضاف ويبقى المضاف إليه على جره، كما هو إحدى اللغتين ومنه قراءة بعضهم: وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ (٤) الجر،

ويكون من مجاز الحذف، والزيادة كقوله تعالى: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ (٥) فإن الإمام فخر الدين اختار أن" مثل" زائدة، وهو أحد القولين، والمشهور تمثيله بقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ


(١) سورة الفجر: ٢٢.
(٢) سورة يوسف: ٨٢.
(٣) سورة الشورى: ١١.
(٤) سورة الأنفال: ٦٧.
(٥) سورة البقرة: ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>