للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يطلق التقسيم على أمرين آخرين:

أحدهما: أن تذكر أحوال الشئ مضافا إلى كلّ ما يليق به؛ كقوله [من الطويل]:

سأطلب حقّى بالقنا ومشايخ ... كأنّهم من طول ما التثموا مرد

ثقال إذا لاقوا خفاف إذا دعوا ... كثير إذا شدّوا قليل إذا عدّوا

والثانى: استيفاء أقسام الشئ؛ كقوله تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً (١).

ــ

والتفريق فى قوله تعالى: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ والتقسيم فى قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا الآية ثم قال المصنف: (وقد يطلق التقسيم على أمرين آخرين أن تذكر أحوال الشئ مضافا إلى كل ما يليق به، كقوله) أى أبى الطيب:

سأطلب حقّى بالقنا ومشايخ ... كأنّهم من طول ما التثموا مرد

ثقال إذا لاقوا خفاف إذا دعوا ... كثير إذا شدّوا قليل إذا عدّوا (٢)

والثانى استيفاء أقسام الشئ كقوله تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً وقد احتج بهذه الآية على انتفاء الخنثى المشكل، والحق وجوده، وقد اختلف فيه أصحابنا أهو قسم ثالث غير الذكر، والأنثى أو لا؟ والصحيح أنه لا يخرج عنهما، وهذه الآية لا تدل عليه، إذا كان المراد استيعاب الأقسام، إلا أن يقال: ترك الخنثى، لأنه نادر، والآية سيقت فى معرض الامتنان، فاقتصر فيها على الغالب، وقد جعل الطيبى من التقسيم الحاصر قوله تعالى: هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ (٣) وأنكره شارح البزدوى نظرا إلى أنه ليس معه حصر، وادعى الطيبى التقسيم الحاصر فى: فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ (٤) الآية وفيه نظر، لما سبق بخلاف: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٥) الآية فإنها اقتضت وقوع أحد هذه الأمور، فلو كان (٦)، ثم قسم آخر لوقع فثبت الحصر، وأنشد البغدادى للتقسيم الحاصر قول الثقفى:


(١) سورة الشورى: ٤٩ - ٥٠.
(٢) البيتان لأبى الطيب المتنبى فى التبيان ١/ ٢٥٧، والإيضاح بتحقيقى ٣١٧، وعقود الجمان ٢/ ٩٦.
(٣) سورة آل عمران: ٧.
(٤) سورة فاطر: ٣٢.
(٥) سورة الشورى: ٤٩.
(٦) أى لوقوع أحد هذه الأمور.

<<  <  ج: ص:  >  >>