للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقوله [من البسيط]:

أحلامكم لسقام الجهل شافية ... كما دماؤكم تشفى من الكلب

[تأكيد المدح بما يشبه الذم]

ومنه: تأكيد المدح بما يشبه الذّمّ، وهو ضربان:

ــ

أحلامكم لسقام الجهل شافية ... كما دماؤكم تشفى من الكلب (١)

فإنه أثبت لدمائهم أنها تشفى من الكلب بعد أن أثبت لأحلامهم أنها تشفى من سقام الجهل، وقد يقال: ليس هذا بمثال مطابق؛ لأن الحكم المثبت ثانيا ليس هو المثبت أولا فإن الشفاء من الكلب غير الشفاء من الجهل، وإنما المصنف نظر إلى أن مطلق الشفاء شئ واحد، وإنما قال: تشفى من الكلب، لأنه يقال: من عضه كلب كلب فلا دواء له أنجع من دم شريف، يشرط الإصبع اليسرى من رجله اليسرى، ويؤخذ من دمه قطرة على تمرة وتطعم المعضوض منه فيبرأ، وسمى هذا تفريعا لتفريع المتكلم الثانى فيه على الأول، هذا ما ذكره المصنف، وقال فى المصباح: التفريع ضربان: الأول أن يأتى بالاسم منفيا بما ويتبعه بتعظيم أوصافه ثم يخبر بأفعل التفضيل، كقول أبى تمام:

ما ربع ميّة معمورا يطيف به ... غيلان أبهى ربا من ربعها الخرب (٢)

الثانى أن يأتى بصفة يقرن بها أبلغ منها فى معناها، كقوله:

أحلامكم لسقام الجهل (٣)

البيت انتهى، ولم ينظر ابن مالك فى البيت، لاتحاد الوصف بالشفاء، بل أسند مع البيت السابق قول ابن المعتز:

كلامه أخدع من لحظه ... ووعده أكذب من طبعه (٤)

تأكيد المدح بما يشبه الذم: ص: (ومنه تأكيد المدح إلخ).

(ش): من البديع المعنوى تأكيد المدح بما يشبه الذم، بأن يبالغ فى المدح إلى أن يأتى بعبارة يتوهم السامع فى بادئ الأمر أنه ذم وهو ضربان: أفضلهما، أى أبلغهما


(١) البيت للكميت الإيضاح بتحقيقى ٣٢٥، العمدة ج ٢ ص: ٤٢، شرح عقود الجمان ٢/ ١١٩، والمصباح ص: ٢٣٩.
(٢) البيت من البسيط وهو للكميت بن زيد فى الدرر ١/ ٢٥٢. ومعاهد التنصيص ٣/ ٨٨، ولم أقع عليه فى ديوانه، وبلا نسبة فى تذكرة
النحاة ص ٥١، وهمع الهوامع ١/ ٨١.
(٣) البيت السابق" للكميت".
(٤) البيت لابن المعتز فى المصباح ص ٢٣٩، بطبعة المطبعة النموذجية.

<<  <  ج: ص:  >  >>