للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما فى قوله [من الطويل]:

هو البدر إلّا أنّه البحر زاخرا ... سوى أنّه الضّرغام لكنّه الوبل

تأكيد الذم بما يشبه المدح

ومنه: تأكيد الذم بما يشبه المدح، وهو ضربان:

أحدهما: أن يستثنى من صفة مدح منفيّة عن الشئ صفة ذمّ له، بتقدير دخولها فيها؛ كقولك: فلان لا خير فيه إلا أنه يسئ إلى من أحسن إليه.

ــ

ليس فينا ما تجعله أنت عيبا إلا الإيمان، ثم قال المصنف: إن الاستدراك فى هذا الباب كالاستثناء، كما فى قوله أى قول البديع الهمذانى:

هو البدر إلّا أنّه البحر زاخرا ... سوى أنّه الضرغام لكنّه الوبل (١)

وسبب ذلك أن الاستثناء فى اللغة أعم منه فى الاصطلاح، وقد وقع الاستثناء فى القرآن، والمراد به الشرط فى قوله تعالى: إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ (٢) أى لا يقولون: إن شاء الله، وكيف لا يكون الاستدراك فى هذا الباب كالاستثناء، والاستثناء فى ضربيه فى الأصل منقطع والمنقطع مقدر بلكن؟ بل قد يعترض على المصنف، فيقال: ليس هنا غير استدراك. ويجاب بأن القسم الأول فرضناه متصلا، والثالث متصل حقيقة، والثانى صورته استثناء.

تأكيد الذم بما يشبه المدح: ص: (ومنه تأكيد الذم إلخ).

(ش): هذا القسم على العكس مما قبله، وهو تأكيد الذم بما يشبه المدح (وهو ضربان: أحدهما، أن يستثنى من صفة مدح منفية عن الشئ صفة ذم بتقدير دخولها فيها) ومثله المصنف بقوله: فلان لا خير فيه إلا أنه يسئ إلى من أحسن إليه، وفى المثال نظر؛ لأن هذا الاستثناء يقدر فيه الاتصال ولا بد أن يكون فيه مناسبة بين الخصلة المستثناة، والخصال المحمودة، كما تقدم فى عكسه والإساءة لمن أحسن إليه ليس فيها شئ يشبه الخير، وعلاقة المضادة هنا بعيدة الاعتبار، فينبغى أن يمثل بما صورته صورة الإحسان، كقولك: فلان لا خير فيه إلا أنه يتصدق بما يسرقه خ خ، وهذا كالأول فى


(١) البيت بلا نسبة فى مفتاح العلوم ص ٢٢٦، وعقود الجمان ص ١٠٩.
(٢) سورة القلم: ١٧، ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>