للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتدلّه فى الحبّ فى قوله [من البسيط]:

بالله يا ظبيات القاع قلن لنا ... ليلاى منكنّ أم ليلى من البشر

ــ

فإنه ادعى أنهم لشدة شبههم بالنساء فى الأوصاف الرذيلة، يشك الناظر فيهم أهم قوم، أى رجال، أم نساء، وفيه أن القوم يختص به الرجال على حد قوله تعالى: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ (١) وقال الزمخشرى: واختصاص القوم بالرجال صريح فى الآية وفى البيت المذكور وفى قوله: اختصاص القوم بالرجال نظر، وصواب العبارة أن يقال: اختصاص الرجال بالقوم؛ لما يظهر بأدنى تأمل، وأما قوم عاد وثمود ونحو ذلك فقيل: يشمل الإناث - أيضا - تغليبا، وقال الزمخشرى: ليس بمتناول للفريقين، بل قصد ذكر الذكور وترك ذكر الإناث؛ لأنهن توابع لرجالهن. قال: وهو فى الأصل جمع" قائم" كصوم وزور، ويجوز أن يكون تسمية بالمصدر، قال بعض العرب:" إذا أكلت أحببت قوما وأبغضت قوما" أى قياما.

انتهى. ومراده أنه نقل بعد المصدرية إلى اسم الجمع، لكن قوله: إنه فى الأصل جمع فيه نظر، لأن فعل ليس من أبنية الجموع، إلا على مذهب أبى الحسن (أو التدله فى الحب) أى يتجاهل العارف للتدله فى الحب (فى قوله) وهو الحسين بن عبد الله الغريبى، ونسبه ابن منقذ إلى ذى الرمة:

بالله يا ظبيات القاع قلن لنا ... ليلاى منكنّ أم ليلى من البشر (٢)

كذا قال المصنف والذى يظهر أن هذا من المبالغة فى مدح ليلى وأنه من القسم السابق وزاد فى الإيضاح قسما لا أستحسن ذكر مثاله (٣)، وقد عدوا من تجاهل العارف ما ينبغى أن يسمى: تجهيل العارف، كقول الكفار لإخوانهم الكفار: هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ (٤) فقد جهلوهم مع كونهم عارفين بالنبى صلّى الله عليه وسلّم لغرض فاسد لهم لعنهم الله.


(١) سورة الحجرات: ١١.
(٢) البيت من البسيط، وهو للمجنون فى ديوانه ص ١٣٠، وللعرجى فى شرح التصريح ٢/ ٢٩٨، والمقاصد النحوية ١/ ٤١٦، ٤/ ٥١٨، والكامل الثقفى أو للعرجى فى شرح شواهد المغنى ٢/ ٩٦٢، وذكر مؤلف خزانة الأدب ١/ ٩٧، ومؤلف معاهد التنصيص ٣/ ١٦٧، أن البيت اختلف فى نسبته، فنسب للمجنون، ولذى الرمة وللعرجى، وللحسين بن عبد الله، ولبدوى اسمه كامل الثقفى. وهو بلا نسبة فى الإنصاف ٢/ ٤٨٢، وأوضح المسالك ٤/ ٣٠٣، وتذكرة النحاة ص ٣١٨، وشرح الأشمونى ١/ ٨٧.
(٣) لعله أراد ما ذكر فى الإيضاح قوله:" والتحقير فى قوله - تعالى - فى حق النبى صلّى الله عليه وسلّم حكاية عن الكفار: (هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفى خلق جديد) انظر الإيضاح بتحقيقى ص: ٣٣٠.
(٤) سورة سبأ: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>