للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قالوا (١): حبست. فقلت: ليس بضائري ... حبسي وأيّ مهنّد لا يغمد

٣٣٣ - وقيل: إنّ أنو شروان حبس بزرجمهر بن البختكان الحكيم-وكان وزيره-عند غضبه عليه في بيت كالقبر ظلمة وضيقا، وصفّده بالحديد، وألبسه الخشن من الصّوف، وأمر أن لا يزاد كلّ يوم على قرصين خبزا شعيرا وكفّ ملح جريشا وشربة ماء، وأن تحصى ألفاظه فتنقل إليه. فأقام بزرجمهر شهورا لا يسمع له كلمة. فقال أنوشروان: أدخلوا إليه أصحابه ومروهم أن يسألوه، ويفاتحوه الكلام، واسمعوا ما يجري بينهم وعرّفونيه. فدخل إليه جماعة من المختصّين به، فقالوا: أيّها الحكيم، نراك في هذا الضّيق والحديد والصّوف والشّدة التي دفعت إليها، ومع هذا فإن سحنة (٢) وجهك، وصحّة جسمك على حالهما لم يتغيّرا، فما السّبب في ذلك؟ فقال: إني عملت جوارش (٣) من ستّة أخلاط [آخذ منه كلّ يوم شيئا] (٤) فهو الذي أبقاني على ما ترون. قالوا: فصفه لنا، فعسى أن نبتلى بمثل بلواك أو أحد من إخواننا فنصفه له، أو نستعمله. قال: الخلط الأوّل: الثّقة بالله تعالى.

الثاني: علمي بأنّ كلّ مقدور كائن. الثالث: الصّبر خير ما استعمله الممتحن. الرّابع: إن لم أصبر فأيّ شيء أعمل. الخامس: قد يمكن أن أكون في شرّ ممّا أنا فيه. السّادس: من ساعة إلى ساعة فرج.


(١) في الديوان ومصادر تخريج القصيدة به (قالت).
٣٣٣ - الفرج بعد الشدة ١/ ١٥٩.
(٢) في الأصل: سحيّة. وما أثبت من الفرج بعد الشدة.
(٣) في الأصل جوارشا.
(٤) ما بين معقوفين من الفرج بعد الشدة.

<<  <   >  >>