للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُفرِط الحريصِ عَلَى جَمْع المال وَمَنْعه من حَقَه وذلك أَنَّ الرّبيعَ ينبتُ أحرارَ العُشْب التي تَحْلَوليْها الماشية فتسْتَكْثر منها حتّى تنتفخُ بُطونها فتهْلك كذلك الَّذِي يَجْمَعُ الدُنْيا ويحرِصُ عليها ويمنَع ذا الحقّ حَقّه منها يهلك في الآخرة بدخول النار واستِيجاب العذاب.

وأمّا مَثَلُ المقتَصِد المحمود فقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إلا آكلة الخَضِر فإنَّها أكلت حتّى إذَا امتلأت خواصِرُها استقبلَت عَيْنَ الشّمس فثَلطَتْ وبالَتْ ثُمَّ أرتعَتْ" وذلك أن الخضِرَ لَيْسَ من أحرار البقول التي تستكْثِر منها الماشيةُ فتنهكه أَكْلًا ولكنّه من الجَنْبَة التي ترعاها بعد هَيْج العُشْب ويُبْسِها. وأكثر ما رأيتُ العربَ يقُولون الخَضِر لما كَانَ أَخْضَر من الحَلِيِّ الَّذِي لم يَصفّر والماشيةُ من الإبل ترتَع منه سِنًّا سنًا ولا يتستكثر منه ولا تَحبَط بطُونُها عَنْهُ وقد ذكرَه طرفَةُ فبيّن أنّه ينبت في الصيف فقال:

كبنات المَخْرِ يَمْأَدْنَ إذَا ... أنْبتَ الصَيْفُ عسَالِيجَ الخَضِرْ ١

فالخَضِرْ من كَلأَ الصَيْف في القَيْظ وليس من أحرار بُقُول الربيع والنَّعَم لا تَسْتَوْبلُه ولا تَحْبَطُ بُطونُها عَنْهُ.

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حُرُوفٍ مِنْ حَدِيثِ طَهْفَةَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ النَّهْدِيِّ لَمَّا وَفَدَ عَلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بن أبي سليم عن حبة العرني وفسره فَقَالَ فِيهِ: "قَدْ نَشِفَ الْمُدْهُنُ وَيَبِسَ الْجِعْثَنُ وَسَقَطَ الأُمْلُوجُ وَمَاتَ الْعُسْلُوجُ" ٢.

قَالَ ابن قُتَيْبة: الأُمْلُوجُ جمعه الأَماليج وهو ورق كالعِيدان يكون


١ الديوان /٨٠ والفائق ٢/ ١٤٠.
٢ سيأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>