للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان من جوابه: أَنَّهُ لم يجد عراهية مستعملا في كلام العرب وأن الصواب عنده أن يكون عتاهية قَالَ: وللعتاهية وجهان: أحدهما الغفلة والآخر الدهش كأنه قَالَ: أطرقت غفلة بلا روية أو طرقت دهشا أو نحو ذلك قَالَ: ومنه قولهم رجل معتوه.

وَقَالَ أَبُو عُمَر: يُقَالُ فيه عتاهيه وعتاهيه.

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وعلى هذا فقد لاح لي فيه شيء وأنا ذاكرهوالله أعلم بصوابه وذلك أن تكون هذه الكلمة مركبة غير مفردة وأن يكون فيها اسمان ظاهر ومكني وقد أبدل منها حرفا فأصلها إما العراء ممدودا وهو وجه الأرض. قال اللَّه تعالى: {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} ١.

[٢٠٣] وأما العرى مقصورا فهو الناحية / يُقَالُ: فلان لا يطور بحرانا ولا يطور بعرانا أي لا يقرب ناحيتنا فكأنه قَالَ أطرقت عرائي أي فنائي زائرا وضيفا كما يطرق الزوار والأضياف أم أصابتك داهية فجئت مستنجدا ومستغيثا والهاء الأولي من قوله: عراهيةٌ مُبَدَّلَة من الهمزة كقولهم أرقت الماء وهرقته والثانية مزيدة لتبين حركة الياء قبلها وهي لغة مشهورة وبها نزل القرآن وهو قوله تعالى: {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ} ٢.

ووجه أخر: وهو أن يقول: عراهية بتشديد الراء من عروت الرجل أعروه عروا إذا زرته فأنا عار وعراء قَالَ النابغة:


١ سورة الصافات:"١٤٥".
٢ سورة الحاقة:"٢٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>