للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النابغة:

فليس يرد مذهبها التَّظنِّي ١

وأراه إنما ترك الإعراب في قوله: لَبَّى يديك، وكان حقه أن يقول: يداك؛ لتأتلف الكلمتان وتزدوجا، والعرب قد تفعل ذلك؛ تتوخى به ازدواج الكلام, كقولهم: إنه ليأتينا بالغدايا والعشايا، وإنما تجمع الغداة على الغدوات, فسلكوا بها مسلك العشية؛ لتزدوج الكلمتان.

وقالوا: حَيَّاك الله وبَيَّاك، وإنما هو بَوَّاك، فحولوها عن الواو إلى الياء، ومثلُ هذا في كلامهم كثير.

فأما الحديث الذي يروى: "أن رجلًا خاصم أباه عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم, فأمر به, فَلُبَّ له".

أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ، نا الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ ابن جريح قال: سمعت ابن أبي حسين يقول: خاصم رجل أباه فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنت ومالك لأبيك", ثم أمر به, فلُبَّ له ٢.

فليس هذا من الأول في شيء، ومعناه أنه علق وجر له من الأخذ بموضع اللَّبَّة.


١ الديوان: ١٩٧, وصدره: "قوافٍ كالسهام إذا استمرت", وقبله:
ألكْنِي يا عُيَيْن إليك قولًا ... سأهديه إليك إليك عني
٢ أخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: ١٣١/ ٩, بلفظ: "قلت له" بدل "فلب له", وهو تحريف, وفيه "ابن حسين" بدل "ابن أبي حسين", والصواب ما جاء به الخطابي، وابن أبي حسين هو: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي حسين, من شيوخ ابن جريج, عن تهذيب التهذيب: "٤٠٢/ ٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>