للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لا يَمُوتُ لِمُؤْمِنٍ ثَلاثَةٌ ١ مِنَ الْوَلَدِ فَتَمَسُّهُ النَّارُ إِلا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ ٢". وهذا أيضًا مِمّا فَسَّره أبو عبيد في كتابه ٣ فقال: نرى قوله: "تَحِلَّةَ القَسَمِ" يعني قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً} ٤ يقول: فلا يرِدُها إلا بِقَدْرِ ما يبرُّ اللهُ قَسَمَه فيه.

وعارضه ابنُ قُتَيبة في كتابه الموْسُوم بإصلاح الغَلَط كما عارضه في الحديث الأول فَقَالَ هذا مذهب الحسن من الاستخراج إن كان هذا قَسَمًا قَالَ: وفيه مذهب آخر أشبهُ بكلام العرب ومعانيهم وهم وإذا أرادوا تَقليل مَكثِ الشيء وتقصيرَ مُدَّته شَبَّهوه بتحليل القسم وذلك أن يقول الرجل بعد إن شَاءَ الله فيقولون ما يقيم فلانٌ عندنا إلا تَحِلَّةَ القَسَمِ وما ينام العليلُ إلا كتَحْليل الأَلِيَّةِ وكَحَسْوِ الطير وهو كثير مَشْهور في الكَلامِ والشِّعر قَالَ: ومعناه عَلَى هذا التأويل أَنَّ النارَ لا تمسّه إلا قليلًا كتحليل اليمين ثُمَّ يُنجيه اللهُ منها.

قَالَ أبو سليمان: ولا إِشكال أنّ معنى الحديث ما ذهب إليه أبو عبيد إلا أنه أغفل بيان موضع القَسَم فتوَهَّم ابن قتيبة أنه ليس بقسم وقد جاء ذَلِكَ في حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ حَدَّثَنِيه الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ قُتَيْبَةَ الْعَسْقَلَانِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ نا رشدين بن سعد نازبان بن فايد


١ م, ط: "ثلاثة أولاد".
٢ أخرجه البخاري ٢/ ٩٣, ٨/ ١٦٧ ومسلم ٤/ ٢٠٢٨ والترمذي ٣/ ٣٦٥ والنسائي ٤/ ٢٥ وغيرهم.
٣ غريب الحديث ٢/ ١٦.
٤ سورة مريم: ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>