للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: نأخذك أُخِذْت ١ بجرِيرة حُلفائك فيه قولان:

أحدهما ما ذَهَب إِلَيْهِ الشافعي وذكره في بعض كتبه فَقَالَ وذلك لأَنَّ المأخوذ مُشرِكٌ مُباحُ الدم والمال ولما كَانَ حَبْسَه حلالا بغَيْر جِنايَةٍ جاز أن يحبس بجناية غيره لاستحقاقه ذَلِكَ بنفسه.

والقولُ الآخر ما ذهب إِلَيْهِ بعضُ أهل العلم حَدَّثَني الحسن بْن يَحْيى عن ابنِ المُنذِر قَالَ: قَالَ بعض أهل العلم قولُه: "أُخِذْتَ بجريرة حُلفائك دَلالةٌ" ٢ أنّه كَانَ بيْنه وبيْنَهُم مُوادَعةٌ أو صُلحٌ فَنَقَضَتْ ثَقِيفٌ المُوادعةَ والصُّلْحَ وترك بنو عُقَيل الإنْكارَ عليهم ومنْعَهم من صَنِيعهم ذَلِكَ فصاروا كأنَّهم نَقَضُوا العهْد.

قَالَ أبو سليمان: وفيه وجْهٌ ثالث: وهو أن يكون معناه أُخِذْتَ لِتُدْفَع بك جَرِيرةُ حُلفائِك من ثقيف وأَضمرَه في الكلام كقوله:

مَن شاءَ دَلَّى النَفْسَ في هُوَّةٍ ... ضَنكٍ وَلَكنْ مَن لهُ بالمَضِيق ٣

يُريدُ مَنْ لَهُ بالخروج من المَضِيق ويدُلّ عَلَى صحّة هذا التّأويل قولُه:

ففُدِي بعدُ بالرَّجْلَيْن. والمعنى أُخِذْتَ ليُسْتنقَذ بك مَنْ أَسرَتْه ثقيف.

وقَولُه: "لو قُلتَها وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الفَلاح" معناه لو أسْلَمْتَ قَبْل الإِسَار أفْلحْتَ الفَلاح التامَّ بأن تكون مُسْلِمًا حُرًّا وذلك أَنَّه إذا أُسِرَ كافرًا كَانَ عبْدًا وإن أسْلم فأما فِداؤُه إِيّاه بالرّجْلَينْ ورده إلى دار الكُفْر بعْدَ إظهاره كلمة الإسْلام فإن هذا المعنى خاصٌّ للنبي صَلَّى الله عليه وسلم,


١ هامش م: نأخذك.
٢ م: دلالته.
٣ اللسان والتاج "ضيق" من غير عزو برواية: "من شا يذلي النفس في هوة".

<<  <  ج: ص:  >  >>