للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: لا يُحْشَرُوا ولا يُعْشَرُوا أي لا يُؤخَذ العشر من أمْوالهم ولا يُكَلَّفُوا الخُروجَ في البعوث وقد كان يَسْتَعينُ ببَعْض أهْلِ الكُفْر عَلَى بعض واستَعان بيَهُودَ ١ من بني قَيْنُقَاع وشهدَ معه صفْوانُ حُنَيْنًا وصَفْوانُ مُشْرِك. وهذا كحديثه الآخر في النساء: "إنّهُنَّ لا يُحْشَرْنَ ولا يُعْشَرْنَ" وقد ذكَرَه ابنُ قُتَيْبَة في كتابه ٢. وذكر عَنْ بَسَّام بْن عَبْدِ الرحمن أَنَّهُ قَالَ معناه أنّهنّ لا يَخْرُجْنَ في المغازي ثُمَّ قَالَ ابن قُتَيبة ولا وجْهَ لهذا إنّما معْنَاهُ أَنّهُنَّ لا يُحْشَرْنَ إلى المُصدِّق ليَأخذَ منهنَّ الصَدَقات ولكن تُؤخَذُ الصَدقاتُ منهنّ بمواضِعِهنَّ.

قَالَ أبو سليمان: ووجه الحديث ما ذهب إِلَيْهِ بسَّام لأنّ السُّنَّة في المسلمين كلّهم رِجَالِهم ونِسائِهم أَنْ لا يُحْشَرَوا إلى المُصدِّق وإنّما تُؤخذ صَدقاتُهم عند مياهِهِم وأفنيتهم فلم يكُنْ لتَخصِيصهنّ بهذا الحْكم دُونَ غيرهنّ معْنى.

ومما يَدُلّ على أن الحشر يراد به الجهادُ حَدِيثُه الآخر.

حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَكِّيِّ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلالٍ حَدَّثَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ غَزِيَّةَ بْنِ الحارث أن رسول الله عليه قَالَ: "لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ إِنَّمَا هُوَ الْحَشْرُ وَالنِّيَّةُ وَالْجِهَادُ" ٣.

يُريدُ بالحَشْر الخُروجَ في النَّفِير ويزيدُه بيانا حديثُ وفد ثقيف أنهم


١ س: "بيهودي".
٢ ١/ ٣٩١.
٣ أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٤/ ١/١٠٩ وذكره الحافظ في الإصابة في ترجمة غزية ٣/ ١٨٥ بدون كلمة: "الحشر".

<<  <  ج: ص:  >  >>