للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبد: {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} يَقُولُ اللهُ: مجَّدني عَبْدِي يَقُولُ العَبْدُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فهذه الآيةُ بيْنَي وَبينَ عبْدي ولِعَبْدي مَا سأل يَقُولُ العَبدُ ١ {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ, صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} فهذا لِعَبْدي وَلِعَبْدي مَا سَألَ" ٢.

قولُه: "قَسَّمْتُ الصَّلاةَ بيْني وبيْن عبدي" معناه قسمت القراءة وسماها ٣ صَلاةً لأنّها رُكنٌ من أرْكان الصَّلاة وجُزءٌ من أجزائها وَوَجْه القِسْمَة فيها أَنّ نِصْفَ السُورَة عِبادَةٌ وثَناءٌ ونصْفَهَا مَسْألةٌ ودُعاءٌ ولم يُردْ بِهِ تَقْسِيط الآي والحُروف وَتقسيمَها قِسْمَيْن عَلَى السَّواء إنما هُوَ إشارَةٌ إلى انقسام السُّورة للعِبادة والمسألة فتكون حَقِيقةُ القِسمة بالمعْنَى لا باللَّفْظ وهذا كما يقال نِصْفُ السَّنَةِ سَفَرٌ ونِصْفُها حَضَرٌ لَيْسَ عَلَى تساوِي الزَّمانيْن فيهما لكن عَلَى انْقِسام الزَّمَانين لهما وإن تَفاوَت مُدَّتاهُما.

وقيل لشُرَيْح كيفَ أصْبَحْتَ فَقَالَ: أصْبَحْتُ ونصْفُ النَّاس عَليَّ غِضَابٌ يُريدُ أَنّ الناس مِن بيْن مَحْكُومٍ لَهُ ومَحْكُومٍ عَلَيْهِ فهُم حِزْبان مُخْتَلِفَان أحدُهُما رَاض عَنْهُ والآخَرُ ساخِطٌ عَلَيْهِ وهذا كقول الشاعر:

إذَا مِتُّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَيْن شَامِتٌ ... بموتي ومُثْنٍ بالذي كُنْتُ أَصْنَع ٤

وممَّا يَدُّل عَلَى أنّه أراد قِسْمَة المعاني لا الأَلْفاظ قوله: فهَذِهِ بيني وبيْن عَبدي ولا يَجُوزُ أن تكُونَ التّلاوةُ بيْنَه وبين عبده لأَنّ المَتْلُوَّ كلامُ اللهِ لَيْسَ للعَبْد فيه شرك.


١ من ح, م.
٢ أخرجه مسلم في الصلاة ١/ ٢٩٦ وأبو داود في ٢١٧ والترمذي في التفسير ٥/ ٢٠١ وغيرهم.
٣ م: "وسماه".
٤ كذا في هامش س وفي س, ط, ح, م: "أفعل" بدل "أصنع" والبيت للعجير اللولي وقافيته: أصنع. وانظر: نوادر أبي زيد /١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>