للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسخ النكاح وذلك إنّما ادّعتْ بهذا القوْل عَلَيْهِ العُنَّةَ ولم تُرِدْ أنَّ ذَلِكَ منه في دِقَّة الهُدْبَة إنّما أرادَتْ أنّه كالهُدْبة ضَعْفًا واستِرخاءً.

يدلّ عَلَى صحّة هذا روايةُ عِكرمَة ذكره محمد بْن إسماعيل البُخاريّ عَنْ محمد بْن بَشَّار عَنْ عَبْدِ الوهاب عَنْ أيوب عَنْ عِكرِمَة أَنَّ رفاعةَ طلّق امرأتَه فتزوَّجَها عبدُ الرحمن بْن الزبير قالت: عائشة فجاءَت وعليها خِمارٌ أخضَرُ فشكَتْ إلى عائشةَ وأَرَتْها خُضْرةً بجِلدها فلما جاء رسول الله والنِّساءُ يَنْصرُ بعضُهنّ بَعْضًا قالت عائشة: ما رأيتُ مثلَ ما تلقى المؤمنات ١ لجلدها أَشدُّ خُضرةً من ثوْبها. قَالَ: وسمع أنّها قد أتَتْ رَسُولَ الله فجاء ومعه ابنان لَهُ من غيرها. قالت: واللهِ ما لي إِلَيْهِ من ذنْبٍ إلا أنّ ما معه لَيْسَ بأغنى عَنّي من هذه وأخذت هُدبةً من ثوبها فَقَالَ: كذبَتْ والله يا رَسُول الله إني لأنفُضُها نَفْضَ الأَدِيم ولكنها ناشِزٌ تُريد رفاعةَ فقال رسول لله: "فإن كَانَ ذَلِكَ لم تَحِلِّي له حتى تَذُوقي عُسَيْلتَه" قَالَ: فأبصر معه ابنين لَهُ فَقَالَ: "بَنُوكَ هَؤُلَاءِ" فَقَالَ نعم قَالَ: "هذا الَّذِي تَزعُمين ما تَزْعُمين فوالله لَهُم أشبَهُ بِهِ من الغُراب بالغُراب" ٢.

فهذه القِصَّةُ بِطُولها تدلّ عَلَى أنّها جاءت تدعي عليه العنة.


١ من ت, م, ح.
٢ البخاري ٧/ ١٩٢. وجاء في فتح الباري ١٠/ ٢٨٢ أن خضرة جلدها من ضرب زوجها لها أو لهزالها والأول أرجح.

<<  <  ج: ص:  >  >>