للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لا حَلِيمَ إِلا ذُو عَثْرَةٍ وَلا حَكِيمَ إِلا ذُو تَجْرِبَةٍ" ١.

حَدَّثَنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى نا مُحَمَّدُ بْنُ قُتَيْبَةَ العسقلاني نا يزيد بن موهب نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ نا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجِ أَبِي السَّمْحِ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.

يذهبُ عامّةُ الناسِ في قوله: "لا حَلِيمَ إِلا ذُو عَثْرَةٍ" إلى أَنَّ الحَلِيمَ لا يَسْلَمُ من أنْ ٢ تكون لَهُ عَثْرة أو تُوجَد منه زَلَّةٌ عَلَى معْنى قولِهم الجَوادُ يَعْثُر وكقولهم الكريمُ مَنْ عُدَّتْ هَفَواتُه ونحو ذَلِكَ من الكلام

والذي عندي في هذا خِلاف ما يذهَبُون إِلَيْهِ وذلك أَنَّ قَوْلَه: ذُو عَثْرة يَقتَضِي العَدَد والكَثْرَة كقولك فُلانٌ ذُو عَقْلٍ وأدبٍ وزَيْدٌ ذُو مَالٍ ونشَبٍ. ولا يَجوزُ أن يُوصَفَ الحليمُ بكَثْرة العَثَرات والتَّهافتِ في الزلات لأنه بالسُّخْف أَشْبَهُ وإلى السَّفَهِ أقربُ وإنّما وجهه أنّ المرءَ لا يُوصَفُ بالحِلْم ولا يترقَّى إلى درجته حتّى يرْكَبَ الأمورَ ويجرِّبَها فيعثُر مرةً بَعْد أخرى فيَعْتبِر بها ويَسْتَبين مَواضعَ الخطإِ فَيجْتنبُها. وهكذا معنى قوله: "لا حَكِيمَ إلا ذو تجربة".


١ أخرجه الترمذي في البر والصلة ٤/ ٣٧٩ وأحمد في مسنده ٣/ ٨, ٦٩ والحاكم في المستردك ٤/ ٢٩٣ وابن حبان في صحيحه كما في الموارد /٥٠٧.
٢ ح, م: "من أن توجد له عثرة أو تكون منه زلة".

<<  <  ج: ص:  >  >>