للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخبرني أحمد بن أبي ذر أَنا ابن دريد أنا أبو حاتم عَنِ الأصمعيّ: قَالَ: لقِيتُ أعرابيا فقلت ممَّن أَنْتَ قَالَ: أَسَديٌّ قلت من أيّ البلاد قَالَ من أهل عُمَان. قلت فأنَّي لك هذه الفصاحة قَالَ إنّا سكنّا بأرضٍ لا نَسْمَعُ بها باخجةَ التَّيّار قلت فَصِفْ لي أرضك. قَالَ سِيفٌ أَفْيَحُ ١ وفضاء صَحْصَح وجَبَلٌ صَلْدحٌ ورَمْلٌ أَصْبَحُ. قلتُ فَما مالُكَ قَالَ النّخْلُ. قُلتُ فأيْنَ أنْت عَنِ الإبل. قَالَ إنّ النَّخْلَ حملُها غِذاءٌ وسَعَفُها ضِيَاء وَجِذْعُها بناء وكَرَبُها صِلاء ولِيفُهَا رِشاء وخُوصُها وِعاء وقَرْوُها إناء.

قَالَ الباخِجَةُ: الصَوْت. والصَلْدَحُ الشديد الصّلب وهو الصّردح أيضا ٢ والأصبَحُ لونٌ إلى الحُمْرَة وَقْروُ النَخْلَة أصلُها يُنقَر فيُجْعَلُ كالجفْنَةِ.

وقولهُ: يُضْحِي أعلامُها قَامِسًا يريد بالأعْلام الجِبالَ الطِّوالَ واحدُها عَلَمٌ يريد أن جبَالها تبدو أو ترتَفِع للنّاظر مَرَّة وتَغِيب أخرى وذلك أن لمعان الآل يطفو بالأَشخاص في رأي العَيْن ويَرسُبُ بها. والقُمُوسُ أن يَغِيبَ الشيءُ في الماء. وطُمُوسُ السَّراب درُوسُه يريد أنّه يذهَب مرّةً ويَعُودُ أخرى كقول الشّاعر:

بِيدٌ تَرى قِيزانَهُنَّ طُمَّسَا ... بَوادِيًا مَرًّا وَمرًّا قُمَّسَا

وكان الأشبه أن يكون وسَرابُها طامِيًا وكيْف يَقْمُسُ الجَبلُ ويَغِيبُ في سَراب طامِس. وأُرَاه إنّما قَالَ: قامِسًا بلفظ الواحِد لأنّه ردَّه إلى كل عَلَم من


١ القاموس "سيف": السيف بالكسر: ساحل البحر وساحل الوادي أو لكل ساحل سيف. وفي مادة "فاح" وبحر أفيح: زاسع.
٢ من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>