للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي غِنَاءِ الأَعْرَابِ وَهُوَ صَوْتٌ كَالْحُدَاءِ يُسَمَّى النَّصْبَ إِلا أَنَّهُ رَقِيقٌ.

حَدَّثَنِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أنا ابْنُ الْجُنَيْدِ نا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْمَرْوَزِيُّ أنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عُمَرَ فِي الْحَجِّ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالرَّوْحَاءِ كَلَّمَ الْقَوْمُ رَبَاحَ بْنَ الْمُغْتَرَفِ وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ بِغِنَاءِ الأَعْرَابِ فَقَالُوا لَهُ: أَسْمِعْنَا وَقَصِّرْ عَنَّا الْمَسِيرَ. قَالَ إِنِّي أَفْرَقُ عُمَرَ فَقَامَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى عُمَرَ فَكَلَّمُوهُ فَقَالَ يَا رَبَاحُ أَسْمِعْهُمْ وَقَصِّرْ عَنْهُمُ الْمَسِيرَ فَإِذَا أَسْحَرْتَ فَارْفَعْ فَاكَ قَالَ: فَرَفَعَ عَقِيرَتَهُ يَتَغَنَّى ١.

فهذا وما أشْبَهُه مِمَّا يُدْعى غِناء لم يَرَ بِهِ عُمَرُ بأْسًا ولم يَرَ فيه إثمًا لأنّه حُداءٌ يُقَصِّرُ المسير ويحُثّ المَطيّ ويُخَفّفُ عَنِ المسافِر.

ونحو هذا قولُ نُصَيْب أنشدنيه بعض أصحابنا أنشدنا بن دريدٍ أنشدنا أبو حاتم أنشدَتنْي أُمُّ الهيثَم لِنُصَيْبٍ:

فَهل يَمْقُتَنّي الله في أنْ ذَكرْتُها ... وعَلّلْتُ أصحَابي بها ليلةَ النَّفْرِ

وَطيَّرتُ ما بي مِنْ نُعاسٍ ومن كَرى ... ومَا بالمطايا من كَلالٍ ومن فتر ٢


١ ذكر الحافظ بن حجر في الإصابة ١/ ٥٠٢ في ترجمة رباح هذه القصة مختصرة.
٢ الديوان /٩٤, ٩٥ برواية: "فهل يأثمني الله في أت ذكرتها .. وسكت مابي من نعاس .. ومابلمطايا من جنوح ومن فتر".

<<  <  ج: ص:  >  >>