للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكأنما أحسّ ابن الشجرى حرجا أو نقدا، فى إيراده لشعر هؤلاء المحدثين والاحتجاج به، فقال فى مبحث النداء، عند ما استشهد ببيت للشريف الرضى (١): «ومن وصف الليل بالقصر، لما نال واصفه فيه من السرور، وأحسن ما شاء، قول الشريف أبى الحسن الرضى، رضى الله عنه وأرضاه، وإن كان متأخرا، فإنما نسج المتأخّرون على منوال المتقدمين:

يا ليلة كاد من تقاصرها ... يعثر فيها العشاء بالسّحر

ولابن الشجرى عناية خاصة بالشريف الرضى، فقد أنشد له واستشهد به فى بعض مجالسه، ثم أفرد المجلس الثانى والستين لشرح قصيدته النونية التى مطلعها:

ما زلت أطرف المنازل بالنّوى ... حتى نزلت منازل النعمان

وقد أتى فى هذا الشرح على مسائل جياد من النحو واللغة والأدب.

ويقف أبو الطيب المتنبى على رأس الشعراء المحدثين الذين استشهد بشعرهم ابن الشجرى، فقد ذكر شعره فى خمسة وثمانين موضعا من الأمالى، عدا المجلس الأخير الذى قصره على التنبيه على فضائله، وأورد فيه غررا من حكمه وشعره الذى يتمثل به.

وقد أورد ابن الشجرى شعر المتنبى، مستشهدا به على إعراب أو قاعدة، ومتعقبا شرّاحه: ابن جنى وأبا العلاء المعرى وابن فورجة، والتبريزى، ومن إليهم، وشارحا ومعربا ما أهمله هؤلاء الشراح. قال فى إعراب بيت المتنبى:

أىّ يوم سررتنى بوصال ... لم ترعنى ثلاثة بصدود

«(٢) وإنما أذكر من شعره ما أهمله مفسّروه، فأنبه على معنى أو إعراب أغفلوه، وهذا البيت لبعده من التكلف، وخلوّه من التعسّف، وسرعة انصبابه إلى السمع وتولّجه فى القلب، أهملوا تأمله فخفى عنهم ما فيه».


(١) المجلس الخامس والثلاثون وانظر عن الاستشهاد بشعر المحدثين، تقدمتى لكتاب الشعر ص ٧٣.
(٢) المجلس الثانى عشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>