للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بفقير، وقد ورد به القرآن فى قوله جلّ ثناؤه: {إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} (١) وهل إنكار فقير إلا كإنكار مأمول، بل إنكار فقير عنده أوجب، لأنّهم لم يقولوا فى ماضيه إلا افتقر، ومأمول، قد نطقوا بماضيه بغير زيادة.

وأمّا «سوى» (٢) فإنّ العرب استعملتها استثناء، وهى فى ذلك منصوبة على الظرف؛ بدلالة أنّ النصب يظهر فيها إذا مدّت، فإذا قلت: أتانى القوم سواك، فكأنك قلت: أتانى القوم مكانك، وكذلك: قد أخذت سواك رجلا، أى مكانك.

واستدل الأخفش على أنها ظرف بوصلهم الاسم الناقص بها، فى نحو: أتانى الذى سواك، والكوفيون (٣) يرون استعمالها بمعنى غير.

وأقول: إدخال الجارّ عليها فى قول الأعشى:

وما قصدت من أهلها لسوائكا

يخرجها من الظرفيّة، وإنما استجازت العرب ذلك فيها تشبيها لها بغير، من حيث استعملوها استثناء، وعلى تشبيهها بغير قال أبو الطيب (٤):

أرض لها شرف سواها مثلها ... لو كان مثلك فى سواها يوجد

رفع «سوى» الأولى بالابتداء، وخفض الثانية بفى، فأخرجهما من


= أرجو وامل أن تدنو مودّتها وما إخال لدينا منك تنويل وقال كلّ خليل كنت آمله لا ألفينّك إنى عنك مشغول شرح قصيدة بانت سعاد ص ٤٦. وانظر لمجيء «فقر وفقر» المساعد على تسهيل الفوائد ٢/ ١٦٣، والتبصرة ص ٢٦٦، والأفعال لابن القطاع ٢/ ٤٦١.
(١) سورة القصص ٢٤.
(٢) حكى هذا عن ابن الشجرىّ البغدادىّ فى الخزانة ٣/ ٤٣٥ - ٤٣٧.
(٣) راجع الإنصاف ص ٢٩٤، والتبيين ص ٤١٩، وقد عقد ابن الشجرىّ فصلا ل‍ «سوى» فى الزيادة الملحقة بالمجلس الحادى والثلاثين.
(٤) ديوانه ١/ ٣٣٤.