للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينضمّ إلى كلّ واحد منهما الملكيّة، كقولك: دار امرأة، وفرس خالد، والفعل لا يعرّف ما يضاف إليه، ولا يخصّصه، لأنه فى أعلى مراتب التنكير، والملكيّة فيه تستحيل، وإنما سوّغ لهم إضافة اسم الزمان إلى الفعل أن المراد بإضافته إليه مصدره، من حيث كان ذكر الفعل ينوب مناب ذكر مصدره، فالتقدير: هذا/ يوم نفع الصادقين، وعلى حين معاتبة المشيب.

وخصّوا بهذه الإضافة اسم الزمان، لما بين الزمان والفعل من المناسبة، من حيث اتّفقا فى كونهما عرضين؛ ولأنّ الفعل بنى للزّمان، وأن الزّمان حادث عن حركات الفلك، كما أن الفعل حادث عن حركات الفاعلين، كالقتل يحدث عن حركة القاتل، وكالقراءة والإنشاد والغناء، يحدثن عن حركات اللّسان، فهذه الإضافة لفظيّة، كما أن التصغير اللاحق فعل التعجّب لفظيّ، فلا اعتداد به، كما أنه لا اعتداد بالإضافة إلى الفعل، وإذا كان التصغير إنما لحق هذا الفعل على سبيل العارية، بطل التعلّق به.

وعلى أن هذا التصغير اللفظيّ، لأصحابنا في دخوله فى قولهم: ما أفعله، قولان، أحدهما: أنه دخله حملا على باب أفعل، الذى للمفاضلة، لاشتراك اللفظين فى التفضيل والمبالغة، لأنك لا تقول: ما أكرم زيدا! وزيد فى أول مراتب الكرم، وإنما تقول ذلك عند بلوغه الغاية فى الكرم، كما تقول: زيد أكرم القوم، فتجمع بينه وبينهم فى الكرم، وتفضّله عليهم، فلحصول هذه المضارعة بينهما، جاز «يا ما أميلح غزلانا» كما تقول: غزالك أميلح الغزلان، ولهذه المناسبة بين هذين البابين، حملوا أفعل منك، وهو أفعل القوم، على قولهم: ما أفعله، فجاز فيهما ما جاز فيه، وامتنع منهما ما امتنع منه.

ألا ترى أنهم لم يقولوا من الألوان والعيوب الظاهرة: ما أفعله، نحو: ما أبيضه وما أحوله، وكذلك لم يقولوا: هو أبيض منك، ولا هو أحول القوم، وقالوا:

ما أنصع بياضه، وما أظهر حوله، وحملوا اللّفظين الآخرين عليه، فقالوا: هو أنصع