للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فى نصب «أخاك» وجهان، أحدهما أن تنصبه بشهدت، إذا أردت به معنى شاهدت، كما قال:

يا ابن أمّي ولو شهدتك إذ تد ... عو تميما وأنت غير مجاب (١)

وتنصب «الهزبر» على هذا القول بلاقى، وتضمر الفاعل فى «لاقى»، وتعيده إلى الأخ، فيكون الأخ فى هذا القول بنيّة التقديم على الجملة التى هى قوله:

«وقد لاقى الهزبر» وهي فى موضع حال منه، فالتقدير: لو شاهدت فى بطن خبت أخاك وقد لاقى الهزبر، وجاز وقوع الماضى حالا؛ لأن معه «قد» (٢) فهى تقرّبه من الحاضر.

والوجه الآخر: أن تنصبه بلاقى، وترفع «الهزبر» بإسناد «لاقى» إليه، ويكون «شهدت» فى هذا القول بمعنى حضرت، كما جاء فى التنزيل: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (٣) أى من حضر بالمصر فى الشّهر، فالتقدير: لو حضرت ببطن خبت، وقد لاقى الهزبر أخاك.

ويجوز أن تنصب «بشرا» على البدل، وإن شئت على عطف البيان.

إذن لرأيت ليثا رام ليثا ... هزبرا أغلبا لاقى هزبرا

أخذ البحترىّ هذا البيت لفظا ومعنى فى قوله (٤):


(١) فرغت منه فى المجلس الرابع والخمسين.
(٢) سبق هذا فى المجلسين: الرابع والأربعين، والثانى والخمسين، ويأتى فى المجلس الحادى والسبعين.
(٣) سورة البقرة ١٨٥.
(٤) ديوانه ص ٢٠٠، وراجع النقل المتقدم قريبا عن ضياء الدين بن الأثير. وقد قلت فى دراستى: إذا صحّ أن «بشرا» هذا شخصية وهمية، اخترعها بديع الزمان الهمذانى، وأجرى على لسانها هذه الأبيات: فيكون البديع هو الذى أخذ البيت لفظا ومعنى من البحترى، إذ كان بديع الزمان قد توفى سنة (٣٩٨)، والبحترى سنة (٢٨٤). والله أعلم.