للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه صاحبه ببعضها، فقال: افعل هذا إمّا لا، أى افعل هذا إن كنت لا تفعل جميع ما يلزمك، وزاد «ما» على «إن» وحذف «كان» وما يتصل به، وكثر ذلك فى كلامهم حتى صارت «لا» مع ما قبلها كشىء واحد، ولذلك أمالوا الألف من «لا» وهى لا تمال فى غير هذا الكلام.

وذكر سيبويه (١) قولهم: «حينئذ، الآن» يريدون: واسمع الآن، قال أبو سعيد: أى كان الشىء الذى تذكر واسمع الآن، وذكر سيبويه [قولهم] (٢) «ما أغفله عنك شيئا» (٣) وفسّره بقوله: أى دع الشكّ عنك، ثم قال: فحذف هذا لكثرة استعمالهم هذا الكلام.

وأقول: إنه قد روى عن أبى عثمان المازنىّ، أنه قال: سألت الأخفش عن قوله، يعنى سيبويه: «ما أغفله عنك شيئا» ما معناه؟ فقال لى: لم أزل أسأل عن هذا.

وقال المازنىّ: سألت الأصمعىّ وأبا زيد وأبا مالك (٤) عنه، فقالوا: ما ندرى ما هو.


(١) فى الموضع السابق.
(٢) زيادة من د.
(٣) الموضع السابق من الكتاب، وتأويل مشكل القرآن ص ٩٠، والبغداديات ص ٢٦٩، وأخبار أبى القاسم الزجّاجى ص ٢١٦،٢١٧، وأورد عليه كلاما كثيرا، ومنه كلام شيخه الزجّاج، الذى حكاه ابن الشجرى. هذا وقد ذكر الجوهرى هذا القول فى الصحاح، ترجمة (عقل): «ما أعقله عنك شيئا» بالعين المهملة والقاف، وردّه عليه صاحب القاموس، وابن برّى، فى اللسان (عقل)
(٤) فى د: «هلال». وكانت فى الأصل «مالك» ثم عبث بها عابث وغيّرها إلى «هلال» وأعاد كتابتها فى الهامش كذلك، وهو خطأ، و «أبو مالك» هو عمرو بن كركرة-بكسر الكافين، كما فى القاموس كان يعلّم فى البادية ويورّق فى الحضر، أى يشتغل بالوراقة، وهى النّسخ. ويقال: انه كان يحفظ اللغة كلّها، قال ابن مناذر: «كان الأصمعىّ يجيب فى ثلث اللغة، وكان أبو عبيدة يجيب فى نصفها، وكان أبو زيد يجيب فى ثلثيها، وكان أبو مالك يجيب فيها كلّها». وقد سمع الجاحظ منه. مراتب النحويين ص ٤١، وإنباه الرواة ٢/ ٣٦٠، والبيان والتبيين ٤/ ٢٣.