للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا من قرأ: {ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ} خبرا، فما موصولة بمعنى الذى، و {جِئْتُمْ بِهِ} صلتها، وموضعها رفع بالابتداء، والسّحر خبرها.

قال أبو على: ويقوّى هذا الوجه أنّ فى حرف عبد الله: «ما جئتم به سحر» (١) قال: وزعموا أنّ إلحاق الهمزة فى {السِّحْرَ} قراءة مجاهد وأصحابه (٢).

وأمّا قوله: {قالُوا يا مُوسَى اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ} (٣) فالتقدير: اجعل لنا إلها مثل التى هى لهم آلهة، وحذف المبتدأ من الصّلة كما حذف فى قوله تعالى:

{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ} (٤) أى هو الذى هو فى السّماء إله، لا بدّ من هذا التقدير؛ لأنك إن حكمت بأنّ قوله {إِلهٌ} مبتدأ و {فِي السَّماءِ} خبره، لم يكن في الجملة عائد على {الَّذِي} ومثله حذف المبتدأ العائد على الذي، فى قراءة من قرأ: {تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} (٥) برفع {أَحْسَنَ} التقدير: الذى هو أحسن، ومثله قراءة رؤبة: {إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً} (٦) برفع {بَعُوضَةً} فالتقدير: أن يضرب الذى هو بعوضة مثلا، وعلى هذا حمل الأخفش قول الشاعر (٧):


(١) راجع المغنى ص ٢٩٨، وتفسير القرطبى ٨/ ٣٦٨، والبحر ٥/ ١٨٢،١٨٣. وانظر شواذّ القراءات ص ٥٨.
(٢) ذكره الفراء فى معانى القرآن ١/ ٤٧٥.
(٣) سورة الأعراف ١٣٨. وانظر خلاف أهل العلم فى «ما» هنا. فى دراسات لأسلوب القرآن الكريم ٣/ ٢٣،٧٣، ثم انظر الخزانة ١٠/ ٢٠٥.
(٤) سورة الزخرف ٨٤. وراجع المجلسين: الحادى عشر، والحادى والثلاثين.
(٥) سورة الأنعام ١٥٤، وسبق تخريج هذه القراءة فى المجلس الحادى عشر.
(٦) سورة البقرة ٢٦، وهى قراءة ناس من بنى تميم أيضا، على ما ذكر الأخفش فى معانى القرآن ص ٥٣، وانظر أيضا الكتاب ٢/ ١٣٨، ومعانى القرآن للفراء ١/ ٢٢، وللزجاج ١/ ١٠٤، والمحتسب ١/ ٦٤، ومختصر فى شواذ القراءات ص ٤، والبحر ١/ ١٢٣.
(٧) زياد الأعجم. الأزهية ص ٧٤، وشرح ابن عقيل ٢/ ٣٢، وتذكرة النحاة ص ٣١١، وشرح الشواهد الكبرى ٤/ ٣٤٦، وشرح الأشمونى ٢/ ٢٣١، والخزانة ١٠/ ٢٠٤. والحمر: جمع حمار. والحبطات: بفتح الحاء المهملة، وكسر الباء الموحّدة، وهم بنو الحارث بن عمرو بن تميم. المعارف ص ٧٦. وانظر سرح العيون ص ٣٨٩، وتعقّب البغدادى له فى الخزانة ١٠/ ٢١٣.