للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيت سأل عنه أبو الرّضا بن صدقة

مكاتبة من الموصل، وهو:

ووحشيّة لسنا نرى من يصدّها ... عن الفتك فضلا أن نرى من يصيدها

أطلق على امرأة هذا الاسم، مبالغة فى تشبيهها بظبية أو مهاة، وهى البقرة الوحشيّة.

ونفس السّؤال أنه قال: علام انتصب «فضلا» وما معناه؟

فأجبت بأنّ انتصابه على المصدر، والتقدير: فضل انتفاء أن نرى إنسانا يصدّها/عن الفتك بنا فضلا عن رؤيتنا إنسانا يصيدها لنا، ففضل هاهنا مصدر فضل من الشىء كذا: إذا بقيت منه بقيّة، كقولك: أنفقت أكثر دراهمك والذى فضل منها ثلاثة، وكقولك لإنسان خلص من أمر عظيم ولحقه منه بعض الضّرر:

معك فضل كثير، وكذلك وجود إنسان يصيد هذه الوحشيّة، وانتفاء من يكفّها عن الفتك، بينهما فضل كبير، فإذا كان من يكفّها عن الفتك معدوما، فكيف يكون من يقدر على صيدها موجودا (١).

...


(١) لابن هشام رسالة فى إعراب «فضلا» ومعناه، أوردها السيوطى فى الأشباه والنظائر ٣/ ٤٤٧، وما بعدها. وحكى الفيومى فى المصباح (فضل) عن قطب الدّين الشيرازىّ، فى شرح المفتاح: «اعلم أن «فضلا» يستعمل فى موضع يستبعد فيه الأدنى، ويراد به استحالة ما فوقه، ولهذا يقع بين كلامين متغايرى المعنى، وأكثر استعماله أن يجيء بعد نفى. وقال شيخنا أبو حيان الأندلسىّ نزيل مصر المحروسة، أبقاه الله تعالى: ولم أظفر بنصّ على أن مثل هذا التركيب من كلام العرب». وانظر الكليات ٣/ ٣٣٤. قلت: وقد جاء هذا التعبير «فضلا عن» فى أسلوب ابن فارس مرتين فى الصاحبى (باب القول فى أن لغة العرب أفضل اللغات وأوسعها) ص ١٦،١٨. ومن قبله الجاحظ فى البيان ٣/ ٢٩١. لكنه استعمله معدّى ب‍ «على»، وذلك فى رسالة ابن التوأم، قال: «هل رأيت أحدا قط أنفق ماله على قوم كان غناهم سبب فقره أنه سلّم عليهم حين افتقر فردّوا عليه، فضلا على غير ذلك؟» البخلاء ص ١٧٦. وكذلك ابن جنى فى المحتسب ١/ ٢٣٦، وانظر طبقات الشافعية ٦/ ٢٤٨.