للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: «أن لا يسرحوا نعما» معناه: أن لا يرعوا إبلا. وصف سنة ذات جدب، فرعي النّعم وترك رعيها سواء.

وإنما قال: «سيّان» فرفعه وهو نكرة، وقوله: «أن لا يسرحوا» معرفة (١)؛ لأنه أضمر فى «كان» ضمير الشأن.

والرابع: أن تكون «أو» للإبهام، كقول القائل لمن يعلم سامعو لفظه أنه مبطل: أحدنا مبطل أو محق. وقال أبو إسحاق الزّجّاج فى قول الله تعالى: {وَإِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (٢) روي فى التفسير: وإنّا لعلى هدى وإنّكم لفى ضلال/مبين. قال: وهذا فى اللّغة غير جائز، ولكنه يؤول تفسيره إلى هذا المعنى، والمعنى: إنّا لعلى هدى أو فى ضلال مبين، وإنكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين، وهذا كما يقول القائل، إذا كانت الحال تدلّ على أنه صادق: أحدنا صادق أو كاذب، ويؤول معنى الآية: وإنّا (٣) لما أقمنا من البرهان لعلى هدى وإنكم لفى ضلال مبين.

وقال أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء (٤): قوله: {وَإِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدىً} قال المفسّرون: معناه: وإنّا لعلى هدى وأنتم فى ضلال مبين (٥)، قال: وكذلك هو فى المعنى، غير أنّ العربيّة على غير ذلك، والمعنى: وإنّا لضالّون أو مهتدون، وإنّكم أيضا لضالّون أو مهتدون، والله يعلم أنّ رسوله المهتدى، وأنّ غيره الضّالّ، وأنت


(١) اعلم أن النحويين يعدّون المصدر المؤول من «أن وأنّ» معرفة، لأنه يشبه الضمير، من حيث إنه لا يوصف كما أن الضمير كذلك. ولهذا قرأ السبعة: ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلاّ أَنْ قالُوا -الجاثية ٢٥. فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَنْ قالُوا النمل ٥٦، وغيرها. بنصب حُجَّتَهُمْ وجَوابَ على الخبر. واعتبار المصدر المؤول هو اسم كان. قال ابن هشام: «والرفع ضعيف كضعف الإخبار بالضمير عمّا دونه فى التعريف». المغنى ص ٤٥٣ (الباب الرابع. ما يعرف به الاسم من الخبر). وانظر ما يأتى فى ص ١٥٢.
(٢) سورة سبأ ٢٤، وانظر معانى القرآن للزجاج ٤/ ٢٥٣.
(٣) فى الأصل، ط «أو إنا»، وأثبت ما فى د. والذى فى معانى الزجاج: إنا.
(٤) معانى القرآن ٢/ ٣٦٢.
(٥) بعد هذا فى المعانى: «معنى «أو» معنى الواو عندهم».